نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 418
والإضراب عن إفكهم. والمعنى نضرب صفحا عما تقولون، ونسالكم: (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْت) وشهداء جمع شاهد، كما قال تعالى في الشهادة على الديون: (وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ. . .)، وتكون جمع شهيد، والمعنى على كل حال أكنتم حاضرين الوقت الماضي الذي حضر فيه يعقوبَ الموتُ، أي كنتم حاضرين الوقت الذي بدت فيه على يعقوب أمارات الموت، فمعنى حضور الموت ظهور أماراته، ومقدماته، أي وهو يحتضر؛ ولذا كان التعبير بحضر، فحضور أماراته ومقدماته، حضوره؛ ولذا لم يقل نزل به إذ الأولى في قوله تعالى: (إِذْ حَضَرَ) تدل على وقت حلول الموت بمقدماته وأماراته، وقد ذكر سبحانه وتعالى (إِذْ) مرة أخرى في قوله: (إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي) وهما يدلان على وقت واحد قد مضى.
قال يعقوب أبو بني إسرائيل الذين غيروا وبدلوا، قال لبنيه: (مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي) أي من الذي تعبدونه من بعدى؟، وعبر بما هنا دون مَن لأن ما يستفهم بها عن الماهية فيقال ما الإنسان، فالسؤال متجه إلى طلب حقيقة ما يعبدون من بعده أيستمرون على عبادة الله تعالى؛ قالوا مجيبين في غير تردد ولا تلكؤ: (قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا).
ابتدأوا إجابتهم بما يدل على الأسوة والقدوة الحسنة وهي تدل على أنهم لا يغيرون ولايبدلون بل هم مقتدون، ولذلك قالوا: (إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ) ولم يقولوا مثلا: نعبد الله وحده.
وإن أباهم إبراهيم وإسحاق وليس من آبائهم إسماعيل بل هو عم يعقوب وليس أباه ولا جده ولكن العرب تسمي على المجاز العم أبا - كما يسمى العم ابن أخيه ابنه، كما قال أبو طالب لقريش عندما طلبوا أن يعطوا أبا طالب بدلا لمحمد ابن أخيه أنهد فتى من قريش ليسلم إليهم محمدا - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم موبخا: آخذ ولدكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه؟ وروى علي بن أبي طالب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 418