نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 548
الظلمْ، وهو ضد الحنف فهو الميل إلى ناحية العدل فقوله تعالى (فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا) معناه من خاف من موص ميلا إلى ظلم، أو توجها خطأ إلى ظلم أو إثما مقصودا فأصلح بينهم أي بينه وبين ورثته وحمله على الاتجاه إلى العدل والخير، أو قصد إثما بأن أوصى لبنيه دون بناته أو أراد أن يوصي في معصية، أو في ناحية لَا خير فيها، فحملوه على اختيار ما لَا معصية فيه ولا ظلم، فإنه لَا يكون عليه إثم، كإثم التبديل، لأنه ما بدل إنما الذي بدل الموصي، وله فضل الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر وفضل الصلح والصلح خير، وفضل منع الظلم، ومنع الظلم خير لَا شك فيه.
وإن مثل هذا عمل عام يجب القيام به على عامة المؤمنين، وإن قام به البعض سقط الحرج عن الباقين، وإنه يجب على والي الحسبة القيام بالإصلاح في هذه الوصايا التي تجنف لإثم والقاصدة الإثم.
وإذا كانت الوصية فيها جنف لإثم أو تعمد لإثم، ومات الموصِي مصرا عليها، كأن يوصي لغير قرابته، وهم أغنياء، وفي قرابته فقراء فإنه إن حولت الوصية إلى فقراء ذوي قربا كان أولى لأنها عدلت إلى خير.
وقد روي عن ابن عباس وقتادة وغيرهما أن معنى الآية من علم بعد موت الموصي جنفًا أو تعمد إيذاء بعض فأصلح ما وقع من الإثم وما وقع بين الورثة من الاضطراب والشقاق فلا إثم أي لَا يكون إثم التبديل، بل يكون له ثواب الإصلاح، وروى النسائي أن رجلا أعتق ستة مملوكين عند موته، وليس له مال غيرهم فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فغضب من ذلك وقال: " لقد هممت ألا أصلي عليه "، ثم دعا مملوكيه فجزأهم ثلاثة أجزاء، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة [1]، وقد أخرج مسلم هذا الحديث. [1] رواه بهذا اللفظ عن عمران بن حصين النسائي: كتاب الجنائز - باب من يحيف في وصته (1932)، ورواية مسلم عنه أيضا بلفظ: " أنَّ رَجُلا أعْتَقَ سِتةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عنْدَ مَوْتهِ، لَم يكن لَه مَالٌ غَيْرَهُمْ، فَدَعَا بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَزأهُمْ أثْلاثا، ثم أقرَعَ بَيْنَهُمْ فَأعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأرًقَّ أربعَة، وَقَالَ لَهُ قَوْلا شَدِيدًا. [كتاب الأيمان - باب من أعتق شركا له في عبد (3154)].
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 548