نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 553
التي يجيز الشارع احتمالها، وقالوا إنه الصوم الذي يزيد المرض شدة، أو يطيل مدته، أو يخبر طبيب مسلم عادل بأن الصوم يضره لوجود هذا المرض.
والسفر الذي يجيز الإفطار اختلف فيه الفقهاء باختلاف أنظارهم في السفر الذي يوجد مشقة توجد الرخصة، فقيل سفر يوم وليلة: وقال أبو حنيفة ثلاثة أيام، بالسير المعتاد للإبل بحيث يسير نصف النهار، ويستريح النصف الآخر وإن السفر بدابة على هذا المعنى مشقة - ولقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: لولا الأثر لقلت العذاب قطعة من السفر، والأثر الذي يشير إليه حبر الأمة هو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " السفر قطعة من العذاب " [1] ولا شك أن الانتقال في الصحراء ينطبق عليه ذلك الوصف.
وهنا يثار بحث: أيكون الأفضل في المرض والسفر الفطر، أم الصوم؟ وقد أجاب عن ذلك بعض العلماء بأنه إذا لم يجد مشقة شديدة في المرض يكون خيرا أن يصوم، ولا يكون معاندا لرخصة الله تعالى، ولكن يكون محتاطا في معنى المرض الذي يسوغ الرخصة، وإلا فالرخصة أفضل، وكذلك في حال السفر، إذا كان يرى أنه يستطيع الصوم من غير إجهاد، فالأفضل الصوم، ويكون ذلك ليس معاندة للرخصة.
والسفر المجرد في هذه الأيام لَا مشقة فيه؛ ولذا أرى أن الأفضل الصوم، من غير أن نقرر وجوبه حتى لَا نكون معاندين لرخص الله؛ فإن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه.
والسفر أقسام ثلاثة: سفر للجهاد في سبيل الله، وهذا لَا يحسن فيه الصوم، وإلا خالف السنة وعارض الرخصة؛ لأن الله تعالى اختبر المؤمنين في غزوتين كانتا في رمضان وهما غزوة بدر الكبرى، وفتح مكة، كانت الأولى في السابع عشر من [1] متفق عليه؛ أخرجه البخاري: كتاب الحج (1677)، ومسلم: كتاب الإمارة (3554) عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " السفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَاب يَمْنَعُ أحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ فَإذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجلْ إِلَى أهْلِهِ ".
نام کتاب : زهرة التفاسير نویسنده : أبو زهرة، محمد جلد : 1 صفحه : 553