نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 1 صفحه : 284
عن الغيب معجزا، بل يكون أمرا مجملا، والظاهر من حال العاقل أن لا يقدم على هذا الأمر العظيم بسببه (قلت) كون فرعون عاقلا ممنوع، فإن من شك في أجلى البديهيات وهو أنه ممكن الوجود، فعدّه من العقلاء لا يكون من العقل. ثم قال ذلك القائل: لعل فرعون كان عارفا بالله وبصدق الأنبياء إلا أنه كان كافرا كفر الجحود والعناد، أو يقال إنه كان شاكا متحيرا في دينه وكان يجوّز صدق إبراهيم عليه السلام، وأقدم على ذلك الفعل احتياطا.
(قلت) : إذا أخبر الله تعالى عنه بأنه قال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النازعات: 24] وما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي [القصص: 38] فلا ضرورة بنا إلى تجويز كونه عارفا بالله وبصدق الأنبياء وجعل كفره كفر جحود وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا [النساء: 122] وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ [النور: 40] فإن قلت: لم ذكر يُذَبِّحُونَ هاهنا بلا «واو» ، وفي سورة إبراهيم بواو؟ فالوجه فيه أنه إذا جعل يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ مفسرا بقوله يُذَبِّحُونَ فلا حاجة إلى الواو، وإذا جعل يَسُومُونَكُمْ مفسرا بسائر التكاليف الشاقة سوى الذبح، وجعل الذبح شيئا آخر احتيج إلى الواو. وإنما جاء هاهنا يُذَبِّحُونَ وفي الأعراف يُقَتِّلُونَ بغير واو لأنهما من كلام الله فلم يرد تعداد المحن عليهم. والذي في إبراهيم من كلام موسى فعدّ المحن عليهم وكان مأمورا بذلك في قوله وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ [إبراهيم: 5] وقال بعضهم: إن معنى يستحيون يفتشون حياء المرأة أي فرجها، هل بها حمل أم لا؟ وفيه تعسف. والبلاء المحنة إن أشير بذلك إلى صنيع فرعون، والنعمة إن أشير به إلى الإنجاء، والحمل على النعمة أولى لأنها هي التي يحسن إضافتها إلى الرب تعالى، ولأن موضع الحجة على اليهود إنعام الله تعالى على أسلافهم حيث عاينوا إهلاك من حاول إهلاكهم وإذلال من بالغ في إذلالهم. وهاهنا نكتة، وهي أنهم كانوا في نهاية الذل، وخصمهم في غاية الاستيلاء والغلبة، إلا أنهم كانوا محقين وخصومهم مبطلين، فانقلب المحق غالبا والمبطل مغلوبا، فكأنه قيل:
لا تغتروا بفقر محمد صلى الله عليه وسلم وقلة أنصاره في الحال، فإنه سينقلب العز إلى جانبه صلى الله عليه وسلم، والذل إلى جانب أعدائه. وفيه تنبيه على أن الملك بيد الله يؤتيه من يشاء، فليس للإنسان أن يغتر بعز الدنيا وينسى أمر الآخرة. قال أهل الإشارة: النفس الأمارة وصفاتها الذميمة وأخلاقها الرديئة تسوم الروح الشريف ذبح أبناء الصفات الروحانية الحميدة واستحياء بعض الصفات القلبية لاستخدامهن في الأعمال القذرة الحيوانية ولا ينجيه من ذلك إلا الله تعالى.
قوله وَإِذْ فَرَقْنا نعمة أخرى في نعمة أي فصلنا بين بعضه وبعض حتى صارت فيه مسالك لكم على عدد الأسباط وكانوا اثني عشر. ومعنى بكم أنهم كانوا يسلكونه ويتفرق لماء كما يفرق بين الشيئين بما يوسط بينهما، أو يراد فرقناه بسبب إنجائكم، أو يكون حالا
نام کتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : النيسابوري، نظام الدين القمي جلد : 1 صفحه : 284