نام کتاب : تفسير الماوردي = النكت والعيون نویسنده : الماوردي جلد : 1 صفحه : 179
أفي حالة عدمه أم في حال وجوده؟ فإن كان في حال عدمه , استحال أن يأمر إلا مأموراً , كما يستحيل أن يكون الأمر إلا من آمر , وإن كان في حال وجوده , فتلك حال لا يجوز أن يأمر فيها بالوجود والحدوث , لأنه موجود حادث؟. قيل: عن هذا السؤال أجوبة ثلاثة: أحدها: أنه خبر من الله تعالى عن نفوذ أوامره في خلقه الموجود , كما أمر في بني إسرائيل , أن يكونوا قردة خاسئين , ولا يكون هذا وارداً في إيجاد المعدومات. الثاني: أن الله عز وجل عالم , بما هو كائن قبل كونه , فكانت الأشياء التي لم تكن وهي كائنة بعلمه , قبل كونها مشابهة للأشياء التي هي موجودة , فجاز أن يقول لها كوني , ويأمرها بالخروج من حال العدم إلى حال الوجود , لتصور جميعها له ولعلمه بها في حال العدم. والثالث: أن ذلك خبر من الله تعالى , عامٌ عن جميع ما يُحْدِثُه , ويكوّنه , إذا أراد خلقه وإنشاءه كان ووجد من غير أن يكون هناك قول يقوله , وإنما هو قضاء يريده , فعبر عنه بالقول وإن لم يكن قولاً , كقول أبي النجم:
(قد قالت الأنساع للبطن الحق ... قدما فآضت كالغسق المحقق)
ولا قول هناك , وإنما أراد أن الظهر قد لحق بالبطن , وكقوله عمرو بن حممة الدوسي.
(فأصبحت مثل النسر طارت فراخه ... إذا رام تطياراً يقال له قَعِ)
{وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون}
نام کتاب : تفسير الماوردي = النكت والعيون نویسنده : الماوردي جلد : 1 صفحه : 179