responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر نویسنده : الطبري، أبو جعفر    جلد : 1  صفحه : 254
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 5] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَنْ عَنَى اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة: 5] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ أَهْلَ الصِّفَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ، أَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ بِالْغَيْبِ مِنَ الْعَرَبِ وَالْمُؤْمِنِينَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ، وَإِيَّاهُمْ جَمِيعًا وَصَفَ بِأَنَّهُمْ عَلَى هُدًى مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ نَاسٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §أَمَّا {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 3] ، فَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْعَرَبِ، {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [البقرة: 4] : الْمُؤْمِنُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. ثُمَّ جَمَعَ الْفَرِيقَيْنِ فَقَالَ: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 5] " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ؛ وَهُمُ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَبِمَا أُنْزِلَ إِلَى مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَا أُنْزِلَ إِلَى مَنْ قَبْلَهُ، وَهُمْ مُؤْمِنُو أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ صَدَّقُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا جَاءَ بِهِ، وَكَانُوا مُؤْمِنِينَ مِنْ قَبْلُ بِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْكُتُبِ. وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الْآخَرِ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [البقرة: 4] فِي مَحَلِّ خَفْضٍ، وَمَحَلِّ رَفْعٍ؛ فَأَمَّا الرَّفْعُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَأْتِيهَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا مِنْ قِبَلِ الْعَطْفِ عَلَى مَا فِي {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 3] مِنْ ذِكْرِ الَّذِينَ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ، وَيَكُونَ: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة: 5] رَافِعَهَا. وَأَمَّا الْخَفْضُ فَعَلَى الْعَطْفِ عَلَى «الْمُتَّقِينَ» وَإِذَا كَانَتْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى «الَّذِينَ» اتَّجَهَ لَهَا وَجْهَانِ مِنَ الْمَعْنَى، أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ هِيَ وَ «الَّذِينَ» الْأُولَى مِنْ صِفَةِ الْمُتَّقِينَ، وَذَلِكَ عَلَى تَأْوِيلِ مَنْ رَأَى أَنَّ الْآيَاتِ الْأَرْبَعَ بَعْدَ {الم} [البقرة: 1] نَزَلَتْ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ أَصْنَافِ الْمُؤْمِنِينَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ «الَّذِينَ» الثَّانِيَةُ مَعْطُوفَةً فِي الْإِعْرَابِ عَلَى الْمُتَّقِينَ بِمَعْنَى الْخَفْضِ، وَهُمْ فِي الْمَعْنَى صِنْفٌ غَيْرُ -[255]- الصِّنْفِ الْأَوَّلِ. وَذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى أَنَّ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمُ الْآيَتَانِ الْأُولَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ قَوْلِهِ {الم} [البقرة: 1] غَيْرُ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمُ الْآيَتَانِ الْآخِرَتَانِ اللَّتَانِ تَلِيَانِ الْأُوَلَتَيْنِ. وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الَّذِينَ الثَّانِيَةُ مَرْفُوعَةً فِي هَذَا الْوَجْهِ بِمَعْنَى الِاسْتِئْنَافِ، إِذْ كَانَتْ مُبْتَدَأً بِهَا بَعْدَ تَمَامِ آيَةٍ وَانْقِضَاءِ قِصَّةٍ. وَقَدْ يَجُوزُ الرَّفْعُ فِيهَا أَيْضًا بِنِيَّةِ الِاسْتِئْنَافِ إِذْ كَانَتْ فِي مُبْتَدَأِ آيَةٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ صِفَةِ الْمُتَّقِينَ. فَالرَّفْعُ إِذًا يَصِحُّ فِيهَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ، وَالْخَفْضُ مِنْ وَجْهَيْنِ. وَأَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ عِنْدِي بِقَوْلِهِ: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة: 5] مَا ذَكَرْتُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنْ تَكُونَ أُولَئِكَ إِشَارَةً إِلَى الْفَرِيقَيْنِ، أَعْنِي الْمُتَّقِينَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ، وَتَكُونَ أُولَئِكَ مَرْفُوعَةً بِالْعَائِدِ مِنْ ذِكْرِهِمْ فِي قَوْلِهِ: {عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة: 5] وَأَنْ تَكُونَ الَّذِينَ الثَّانِيَةُ مَعْطُوفَةً عَلَى مَا قَبْلُ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ وَإِنَّمَا رَأَيْنَا أَنَّ ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ بِالْآيَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَعَتَ الْفَرِيقَيْنِ بِنَعْتِهِمُ الْمَحْمُودِ ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِمْ؛ فَلَمْ يَكُنْ عَزَّ وَجَلَّ لِيَخُصَّ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ بِالثَّنَاءِ مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِيمَا اسْتَحَقَّا بِهِ الثَّنَاءَ مِنَ الصِّفَاتِ، كَمَا غَيْرُ جَائِزٍ فِي عَدْلِهِ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِيمَا يَسْتَحِقَّانِ بِهِ الْجَزَاءَ مِنَ الْأَعْمَالِ فَيَخُصَّ أَحَدَهُمَا بِالْجَزَاءِ دُونَ الْآخَرِ وَيَحْرِمَ الْآخَرَ جَزَاءَ عَمَلِهِ، فَكَذَلِكَ سَبِيلُ الثَّنَاءِ -[256]- بِالْأَعْمَالِ؛ لِأَنَّ الثَّنَاءَ أَحَدُ أَقْسَامِ الْجَزَاءِ. وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة: 5] فَإِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِمْ وَبُرْهَانٍ وَاسْتِقَامَةٍ وَسَدَادٍ بِتَسْدِيدِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ وَتَوْفِيقِهِ لَهُمْ

نام کتاب : تفسير الطبري = جامع البيان - ط هجر نویسنده : الطبري، أبو جعفر    جلد : 1  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست