responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 123
الْمَنْصُوبِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَصِيرُ فِعْلًا تَامًّا. فَثَبَتَ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ النَّاقِصَةِ فعل يُوجِبُ كَوْنَهَا تَامَّةً غَيْرَ نَاقِصَةٍ، وَمَا أَفْضَى ثوبته إِلَى نَفْيِهِ كَانَ بَاطِلًا، فَكَانَ الْقَوْلُ بِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ نَاقِصَةٌ كَلَامًا بَاطِلًا، وَلَمَّا أَوْرَدْتُ هَذَا السُّؤَالَ عَلَيْهِمْ بَقِيَ الْأَذْكِيَاءُ مِنَ النَّحْوِيِّينَ وَالْفُضَلَاءُ مِنْهُمْ مُتَحَيِّرِينَ فِيهِ زَمَانًا طَوِيلًا، وَمَا أَفْلَحُوا فِي الْجَوَابِ، ثُمَّ لَمَّا تَأَمَّلْتُ فِيهِ وَجَدْتُ الْجَوَابَ الْحَقِيقِيَّ الَّذِي يُزِيلُ الشُّبْهَةَ، وَتَقْرِيرُهُ أَنْ نَقُولَ: لَفْظُ «كَانَ» لَا يُفِيدُ إِلَّا الْحُدُوثَ وَالْحُصُولَ وَالْوُجُودَ، إِلَّا أَنَّ هَذَا عَلَى قِسْمَيْنِ: مِنْهُ مَا يُفِيدُ حُدُوثَ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ، وَمِنْهُ مَا يُفِيدُ مَوْصُوفِيَّةَ شَيْءٍ بِشَيْءٍ آخَرَ. أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: فَإِنَّ لَفْظَ «كَانَ» يَتِمُّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ قَدْ حَدَثَ وَحَصَلَ، وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي فَإِنَّهُ لَا تَتِمُّ فَائِدَتُهُ إِلَّا بِذِكْرِ الِاسْمَيْنِ، فَإِنَّهُ إِذَا ذُكِرَ كَانَ مَعْنَاهُ حُصُولَ مَوْصُوفِيَّةِ زَيْدٍ بِالْعِلْمِ وَلَا يُمْكِنُ ذِكْرُ مَوْصُوفِيَّةِ هَذَا بِذَاكَ إِلَّا عِنْدَ ذِكْرِهِمَا جَمِيعًا، فَلَا جَرَمَ لَا يَتِمُّ الْمَقْصُودُ إِلَّا بِذِكْرِهِمَا، فَقَوْلُنَا: «كَانَ زَيْدٌ عَالِمًا» ، مَعْنَاهُ أَنَّهُ حَدَثَ وَحَصَلَ مَوْصُوفِيَّةُ زَيْدٍ بِالْعِلْمِ، فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ لَفْظَ الْكَوْنِ يُفِيدُ الْحُصُولَ وَالْوُجُودَ فَقَطْ، إِلَّا أَنَّهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ يَكْفِيهِ إِسْنَادُهُ إِلَى اسْمٍ وَاحِدٍ، وَفِي الْقِسْمِ الثَّانِي:
لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الِاسْمَيْنِ، وَهَذَا مِنَ اللَّطَائِفِ النَّفِيسَةِ فِي عِلْمِ النَّحْوِ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَائِنِ وَالْمَوْجُودِ فَوَجَبَ جَوَازُ إِطْلَاقِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مِنْ أَقْسَامِ الصِّفَاتِ الحقيقية: -[المسألة الأولى] الصفة المغايرة للوجود مذهب نفاة الصفات:
الصِّفَةُ الَّتِي تَكُونُ مُغَايِرَةً لِلْوُجُودِ وَلِكَيْفِيَّاتِ الْوُجُودِ.
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْبَحْثَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هل يجوز قيام هذه الصفات ذات اللَّهِ تَعَالَى؟ فَالْمُعْتَزِلَةُ وَالْفَلَاسِفَةُ يُنْكِرُونَهُ أَشَدَّ الْإِنْكَارِ، وَيَحْتَجُّونَ عَلَيْهِ بِوُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ تِلْكَ الصِّفَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً لِذَاتِهَا أَوْ مُمْكِنَةً لِذَاتِهَا، وَالْقِسْمَانِ بَاطِلَانِ، فَبَطَلَ الْقَوْلُ بِالصِّفَاتِ، وَإِنَّمَا قلنا أنه يَمْتَنِعَ كَوْنُهَا وَاجِبَةً لِذَاتِهَا لِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الْحِكْمَةِ أَنَّ وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا وَاحِدًا. الثَّانِي: أَنَّ الْوَاجِبَ لِذَاتِهِ هُوَ الَّذِي يَكُونُ غَنِيًّا عَمَّا سِوَاهُ، وَالصِّفَةُ هِيَ الَّتِي تَكُونُ مُفْتَقِرَةً إِلَى الْمَوْصُوفِ، فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْوُجُوبِ الذَّاتِيِّ وَبَيْنَ كَوْنِهِ صِفَةً لِلْغَيْرِ مُحَالٌ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا لِذَاتِهِ لِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُمْكِنَ لِذَاتِهِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ، وَسَبَبُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ ذَاتِ اللَّهِ، لِأَنَّ/ تِلْكَ الذَّاتَ لَمَّا امْتَنَعَ خُلُوُّهَا عَنْ تِلْكَ الصِّفَةِ، وَتِلْكَ الصِّفَةُ مُفْتَقِرَةٌ إِلَى الْغَيْرِ لَزِمَ كَوْنُ تِلْكَ الذَّاتِ مُفْتَقِرَةً إِلَى الْغَيْرِ.
وَمَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ مُمْكِنًا لِذَاتِهِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ لِذَاتِهِ مُمْكِنًا لِذَاتِهِ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ ذَاتَ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِتِلْكَ الصِّفَةِ فَلَوْ كَانَتْ مُؤَثِّرَةً فِيهَا لَزِمَ كَوْنُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَاعِلًا وَقَابِلًا مَعًا، وَهُوَ مُحَالٌ، لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ إِلَّا أَثَرٌ وَاحِدٌ، وَالْفِعْلُ وَالْقَبُولُ أَثَرَانِ مُخْتَلِفَانِ: الثَّانِي: أَنَّ الْأَثَرَ مُفْتَقِرٌ إِلَى الْمُؤَثِّرِ، فَافْتِقَارُهُ إِلَيْهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ حُدُوثِهِ، أَوْ حَالَ حُدُوثِهِ، أَوْ حَالَ عَدَمِهِ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ. وَإِلَّا لَكَانَ تَأْثِيرُ ذَلِكَ الْمُؤَثِّرِ فِي إِيجَادِهِ تَحْصِيلًا لِلْحَاصِلِ، وَهُوَ مُحَالٌ، فَبَقِيَ الْقِسْمَانِ الْأَخِيرَانِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كُلَّمَا كَانَ الشَّيْءُ أَثَرًا لِغَيْرِهِ كَانَ حَادِثًا، فَوَجَبَ أَنْ يُقَالَ: الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَكُونُ حَادِثًا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ أَثَرًا لِلْغَيْرِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالصِّفَاتِ بَاطِلٌ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست