responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 172
وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِالْقُرْآنِ وَالْخَبَرِ أَمَّا الْقُرْآنُ فقوله تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل: 20] وَأَمَّا الْخَبَرُ فَمَا
رَوَى أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَخْرُجَ، وَأُنَادِيَ: لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةٍ، وَلَوْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ أَقْوَى الدَّلَائِلِ عَلَى قَوْلِنَا، وذلك لأن قوله: فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ أَمْرٌ، وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قِرَاءَةَ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ وَاجِبَةٌ فَنَقُولُ: الْمُرَادُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْفَاتِحَةَ، أَوْ غير الفاتحة أو المراد التخيير بين الفاتحة وَبَيْنَ غَيْرِهَا، وَالْأَوَّلُ: يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْفَاتِحَةُ بِعَيْنِهَا وَاجِبَةً، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَالثَّانِي: يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ وَاجِبَةً بِعَيْنِهَا، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ/ وَالثَّالِثُ: يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُكَلَّفُ مُخَيَّرًا بَيْنَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَبَيْنَ قِرَاءَةِ غَيْرِهَا، وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ أَوْلَى مِنْ قِرَاءَةِ غَيْرِهَا، وَسَلَّمَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ الصَّلَاةَ بِدُونِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ خِدَاجٌ نَاقِصٌ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ النَّاقِصِ وَالْكَامِلِ لَا يَجُوزُ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا سَمَّى قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ قِرَاءَةً لِمَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ لِأَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَحْفُوظَةٌ لِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَهِيَ مُتَيَسِّرَةٌ لِلْكُلِّ، وَأَمَّا سَائِرُ السُّوَرِ فَقَدْ تَكُونُ مَحْفُوظَةً وَقَدْ لَا تَكُونُ، وَحِينَئِذٍ لَا تَكُونُ مُتَيَسِّرَةً لِلْكُلِّ.
وَعَنِ الثَّانِي: أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا
نُقِلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَخْرُجَ وَأُنَادِيَ: لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ،
وَأَيْضًا لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ مِنْ
قَوْلِهِ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةٍ وَلَوْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ
هُوَ أَنَّهُ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَكَفَى؟ وَإِذَا ثَبَتَ التَّعَارُضُ فَالتَّرْجِيحُ مَعَنَا، لِأَنَّهُ أَحْوَطُ، وَلِأَنَّهُ أَفْضَلُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَمَّا كَانَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ لَا جَرَمَ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْقِرَاءَةِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا قَرَأَ آيَةً وَاحِدَةً كَفَتْ، مثل قوله: ألم، وحم والطور، ومدهامتان، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ وَاحِدَةٍ طَوِيلَةٍ مِثْلَ آيَةِ الدَّيْنِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيَةٌ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ، وَتَجِبُ قِرَاءَتُهَا مَعَ الْفَاتِحَةِ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا فِي سُورَةِ النَّمْلِ، وَلَا يَقْرَأُ لَا سِرًّا، وَلَا جَهْرًا إِلَّا فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَقْرَؤُهَا وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَلَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَالَ: يَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيُسِرُّ بِهَا، وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهَا آيَةٌ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ أَمْ لَا، قَالَ يَعْلَى: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ عَنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ: مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ قُرْآنٌ، قَالَ: قُلْتُ: فَلِمَ تُسِرُّهُ؟ قَالَ: فَلَمْ يُجِبْنِي، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ لَا أَعْرِفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِعَيْنِهَا لِمُتَقَدِّمِي أَصْحَابِنَا، إِلَّا أَنَّ أَمْرَهُمْ بِإِخْفَائِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ السُّورَةِ، وَقَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ: تَوَرَّعَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ عَنِ الْوُقُوعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الْخَوْضَ فِي إِثْبَاتِ أَنَّ التَّسْمِيَةَ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ لَيْسَتْ مِنْهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ، فَالْأَوْلَى السُّكُوتُ عَنْهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ: إِحْدَاهَا: أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هَلْ هِيَ مَسْأَلَةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ حَتَّى يَجُوزَ الِاسْتِدْلَالُ فِيهَا بِالظَّوَاهِرِ وَأَخْبَارِ الْآحَادِ، أَوْ لَيْسَتْ مِنَ الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ بَلْ هِيَ مِنَ الْمَسَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ.
وَثَانِيَتُهَا: أَنَّ بِتَقْدِيرِ أَنَّهَا مِنَ الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ فَمَا الْحَقُّ فيها؟.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست