responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 204
الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ مَالِكِ يَوْمِ الدين، وفيه فوائد:
تفسير (مالك يوم الدين) :
الْفَائِدَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، أَيْ: مَالِكِ يَوْمِ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُحْسِنِ وَالْمُسِيءِ، وَالْمُطِيعِ وَالْعَاصِي، وَالْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ، وَذَلِكَ لَا يَظْهَرُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجَزَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى [النَّجْمِ: 31] وَقَالَ تَعَالَى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [ص: 28] وَقَالَ:
إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى [طه: 15] وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ سَلَّطَ الظَّالِمَ عَلَى الْمَظْلُومِ ثُمَّ إِنَّهُ لَا يَنْتَقِمُ مِنْهُ فَذَاكَ إِمَّا لِلْعَجْزِ أَوْ لِلْجَهْلِ أَوْ لِكَوْنِهِ رَاضِيًا بِذَلِكَ الظُّلْمِ، وَهَذِهِ الصِّفَاتُ الثَّلَاثُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ، فَوَجَبَ أَنَّ يَنْتَقِمَ لِلْمَظْلُومِينَ مِنَ الظَّالِمِينَ، وَلَمَّا لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الِانْتِقَامُ فِي دَارِ الدُّنْيَا وَجَبَ أَنْ يَحْصُلَ فِي دَارِ الْأُخْرَى بَعْدَ دَارِ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة: 4] وَبِقَوْلِهِ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ [الزَّلْزَلَةِ: 7] الآية
رُوِيَ أَنَّهُ يُجَاءُ بِرَجُلٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَنْظُرُ فِي أَحْوَالِ نَفْسِهِ فَلَا يَرَى لِنَفْسِهِ حَسَنَةً الْبَتَّةَ، فَيَأْتِيهِ النِّدَاءُ، يَا فُلَانُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ بِعَمَلِكَ، فَيَقُولُ: إِلَهِي، مَاذَا عَمِلْتُ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَلَسْتَ لَمَّا كُنْتَ نَائِمًا تَقَلَّبْتَ مِنْ جَنْبٍ إِلَى جَنْبٍ لَيْلَةَ كَذَا فَقُلْتَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ «اللَّهُ» ثُمَّ غَلَبَكَ النَّوْمُ فِي الْحَالِ فَنَسِيتَ/ ذَلِكَ أَمَّا أَنَا فَلَا تَأْخُذُنِي سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ فَمَا نَسِيتُ ذَلِكَ، وَأَيْضًا يُؤْتَى بِرَجُلٍ وَتُوزَنُ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ فَتَخِفُّ حَسَنَاتُهُ فَتَأْتِيهِ بِطَاقَةٌ فَتُثَقِّلُ مِيزَانَهُ فَإِذَا فِيهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَلَا يَثْقُلُ مَعَ ذِكْرِ اللَّهِ غَيْرُهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاجِبَاتِ عَلَى قِسْمَيْنِ: حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُقُوقُ الْعِبَادِ: أَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَمَبْنَاهَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ لِأَنَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ، وَأَمَّا حُقُوقُ الْعِبَادِ فَهِيَ الَّتِي يَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا.
رُوِيَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ لَهُ عَلَى بَعْضِ الْمَجُوسِ مَالٌ فَذَهَبَ إِلَى دَارِهِ لِيُطَالِبَهُ بِهِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى بَابِ دَارِهِ وَقَعَ عَلَى نَعْلِهِ نَجَاسَةٌ، فَنَفَضَ نَعْلَهُ فَارْتَفَعَتِ النَّجَاسَةُ عَنْ نَعْلِهِ وَوَقَعَتْ عَلَى حَائِطِ دَارِ الْمَجُوسِيِّ فَتَحَيَّرَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ: إِنْ تَرَكْتُهَا كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِقُبْحِ جِدَارِ هَذَا الْمَجُوسِيِّ، وَإِنْ حَكَكْتُهَا انْحَدَرَ التُّرَابُ مِنَ الْحَائِطِ، فَدَقَّ الْبَابَ فَخَرَجَتِ الْجَارِيَةُ فَقَالَ لَهَا: قُولِي لِمَوْلَاكِ إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ بِالْبَابِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَظَنَّ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِالْمَالِ، فَأَخَذَ يَعْتَذِرُ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، هَاهُنَا مَا هُوَ أَوْلَى، وَذَكَرَ قِصَّةَ الْجِدَارِ، وَأَنَّهُ كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى تَطْهِيرِهِ فَقَالَ الْمَجُوسِيُّ: فَأَنَا أَبْدَأُ بِتَطْهِيرِ نَفْسِي فَأَسْلَمَ فِي الْحَالِ، وَالنُّكْتَةُ فِيهِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَمَّا احْتَرَزَ عَنْ ظُلْمِ الْمَجُوسِيِّ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ الْقَلِيلِ مِنَ الظُّلْمِ فَلِأَجْلِ تَرْكِهِ ذَلِكَ انْتَقَلَ الْمَجُوسِيُّ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ، فَمَنِ احْتَرَزَ عَنِ الظُّلْمِ كَيْفَ يَكُونُ حَالُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَرَأَ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَرَأَ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ. حُجَّةُ مَنْ قَرَأَ مَالِكِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ فِيهِ حَرْفًا زَائِدًا فَكَانَتْ قِرَاءَتُهُ أَكْثَرَ ثَوَابًا. الثَّانِي: أَنَّهُ يَحْصُلُ فِي الْقِيَامَةِ مُلُوكٌ كَثِيرُونَ، أَمَّا الْمَالِكُ الْحَقُّ لِيَوْمِ الدِّينِ فَلَيْسَ إِلَّا اللَّهُ. الثَّالِثُ: الْمَالِكُ قَدْ يَكُونُ مَلِكًا وَقَدْ لَا يَكُونُ كَمَا أَنَّ الْمَلِكَ قَدْ يَكُونُ مَالِكًا وَقَدْ لَا يَكُونُ فَالْمِلْكِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ قَدْ تَنْفَكُّ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَنِ الْأُخْرَى إِلَّا أَنَّ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست