responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 98
(ب) إِذَا قُلْنَا الْبَاءُ تُفِيدُ السَّبَبِيَّةَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ بَاءِ السَّبَبِيَّةِ وَبَيْنَ لَامِ السَّبَبِيَّةِ، لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ.
(ج) الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ» لَا بُدَّ مِنَ الْبَحْثِ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَنَّ هَذِهِ الْبَاءَ بِمَاذَا تَتَعَلَّقُ، وَكَذَلِكَ الْبَحْثُ عَنْ قَوْلِهِ: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ [الْبَقَرَةِ: 30] فَإِنَّهُ يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ هَذِهِ الْبَاءِ.
(د) قِيلَ: كُلُّ الْعُلُومِ مُنْدَرِجٌ فِي الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ، وَعُلُومُهَا فِي الْقُرْآنِ، وَعُلُومُ الْقُرْآنِ فِي الْفَاتِحَةِ، وَعُلُومُ الْفَاتِحَةِ فِي (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَعُلُومُهَا فِي الْبَاءِ مِنْ بِسْمِ اللَّهِ (قُلْتُ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ كُلِّ الْعُلُومِ وُصُولُ الْعَبْدِ إِلَى الرَّبِّ، وَهَذَا الْبَاءُ بَاءُ الْإِلْصَاقِ فَهُوَ يُلْصِقُ الْعَبْدَ بِالرَّبِّ، فَهُوَ كَمَالُ الْمَقْصُودِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ مَبَاحِثِ هَذَا الْبَابِ، مَبَاحِثُ حُرُوفِ الْجَرِّ.
فَإِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى نَوْعَيْنِ مِنْهَا: أَحَدُهُمَا: الْبَاءُ، وَثَانِيهُمَا: لَفْظُ «مِنْ» فَنَقُولُ: فِي لَفْظِ «مِنْ» مَبَاحِثُ: - (أ) أَنَّكَ تَقُولُ: «أَخَذْتُ الْمَالَ مِنِ ابْنِكَ» فَتَكْسِرُ النُّونَ ثُمَّ تَقُولُ: «أَخَذْتُ الْمَالَ مِنَ الرَّجُلِ» فَتَفْتَحُ النُّونَ، فَهَهُنَا اخْتَلَفَ آخِرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَحْوَالُ دَلَّتْ عَلَى اخْتِصَاصِ كُلِّ حَالَةٍ بِهَذِهِ الْحَرَكَةِ، فَهَهُنَا اخْتَلَفَ آخِرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ بِاخْتِلَافِ الْعَوَامِلِ، فَإِنَّهُ لَا/ مَعْنَى لِلْعَامِلِ إِلَّا الْأَمْرُ الدَّالُّ عَلَى اسْتِحْقَاقِ هَذِهِ الْحَرَكَاتِ، فَوَجَبَ كَوْنُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مُعْرَبَةً.
(ب) كَلِمَةُ «مِنْ» وَرَدَتْ عَلَى وُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ: ابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَالتَّبْعِيضِ، وَالتَّبْيِينِ، وَالزِّيَادَةِ.
(ج) قَالَ الْمُبَرِّدُ: الْأَصْلُ هُوَ ابْتِدَاءُ الْغَايَةِ، وَالْبَوَاقِي مُفَرَّعَةٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ آخَرُونَ: الْأَصْلُ هُوَ التَّبْعِيضُ، وَالْبَوَاقِي مُفَرَّعَةٌ عَلَيْهِ.
(د) أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ كَوْنَهَا زَائِدَةً، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ [نُوحٍ: 4] فَقَدْ بَيَّنُوا أَنَّهُ يُفِيدُ فَائِدَةً زَائِدَةً فَكَأَنَّهُ قَالَ يَغْفِرُ لَكُمْ بَعْضَ ذُنُوبِكُمْ، وَمَنْ غَفَرَ كُلَّ بَعْضٍ مِنْهُ فَقَدْ غَفَرَ كُلَّهُ.
(هـ) الْفَرْقُ بَيْنَ مِنْ وَبَيْنَ عَنْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ [الْأَعْرَافِ: 17] وَفِيهِ سُؤَالَانِ: الْأَوَّلُ: لِمَ خَصَّ الْأَوَّلَيْنِ بِلَفْظِ مِنْ وَالثَّالِثَ وَالرَّابِعَ بِلَفْظِ عَنْ. الثَّانِي: لَمَّا ذَكَرَ الشَّيْطَانُ لَفْظَ مِنْ وَلَفْظَ عَنْ فَلِمَ جَاءَتِ الِاسْتِعَاذَةُ بِلَفْظِ مِنْ فَقَالَ: (أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ) وَلَمْ يَقُلْ عَنِ الشَّيْطَانِ.
النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنْ مَبَاحِثِ هَذَا الْبَابِ: - (أ) الشَّيْطَانُ مُبَالَغَةٌ فِي الشَّيْطَنَةِ، كَمَا أَنَّ الرَّحْمَنَ مُبَالَغَةٌ فِي الرَّحْمَةِ، وَالرَّجِيمُ فِي حَقِّ الشَّيْطَانِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، كَمَا أَنَّ الرَّحِيمَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَهَذِهِ الْكَلِمَةُ تَقْتَضِي الْفِرَارَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِلَى الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَهَذَا يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا يَنْشَأُ عَنْهُ قَوْلُ الثَّنَوِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ وَإِبْلِيسَ أَخَوَانِ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْأَخُ الْكَرِيمُ الرَّحِيمُ الْفَاضِلُ، وَإِبْلِيسَ هُوَ الْأَخُ اللَّئِيمُ الْخَسِيسُ الْمُؤْذِي، فَالْعَاقِلُ يَفِرُّ مِنْ هَذَا الشِّرِّيرِ إِلَى ذَلِكَ الخير.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست