responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 131
هَمَّا بِالصُّعُودِ إِلَى السَّمَاءِ فَلَمْ تُطَاوِعْهُمَا أَجْنِحَتُهُمَا، فَعَلِمَا مَا حَلَّ بِهِمَا (مِنَ الْغَضَبِ) [1] فَقَصَدَا إِدْرِيسَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَخْبَرَاهُ بِأَمْرِهِمَا وَسَأَلَاهُ أَنْ يَشْفَعَ لَهُمَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَا لَهُ: إِنَّا رَأَيْنَاكَ يَصْعَدُ لَكَ مِنَ الْعِبَادَاتِ مِثْلَ مَا يَصْعَدُ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَاسْتَشْفِعْ لَنَا، إِلَى رَبِّكَ فَفَعَلَ ذَلِكَ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَخَيَّرَهُمَا اللَّهُ بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ، فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا إِذْ عَلِمَا أَنَّهُ يَنْقَطِعُ فَهُمَا بِبَابِلَ يُعَذَّبَانِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ عَذَابِهِمَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: هُمَا مُعَلَّقَانِ بِشُعُورِهِمَا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: رُءُوسُهُمَا مُصَوَّبَةٌ تَحْتَ أَجْنِحَتِهِمَا، وَقَالَ قَتَادَةُ (كُبِّلَا) [2] مِنْ أَقْدَامِهِمَا إِلَى أُصُولِ أَفْخَاذِهِمَا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: جُعِلَا فِي جُبٍّ مُلِئَتْ نَارًا، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ: مَنْكُوسَانِ يُضْرَبَانِ بِسِيَاطٍ مِنَ الْحَدِيدِ.
وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَصَدَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ لِتَعَلُّمِ السِّحْرِ فَوَجَدَهُمَا مُعَلَّقَيْنِ بِأَرْجُلِهِمَا، مُزْرَقَّةً أَعْيُنُهُمَا، مُسْوَدَّةً جُلُودُهُمَا، لَيْسَ بَيْنَ أَلْسِنَتِهِمَا وَبَيْنَ الْمَاءِ إِلَّا أَرْبَعُ أَصَابِعَ وَهُمَا يُعَذَّبَانِ بِالْعَطَشِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ هَالَهُ مَكَانُهُمَا فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَلَمَّا سُمِعَا كَلَامَهُ قَالَا لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ، قَالَا مِنْ أَيِّ أُمَّةٍ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أُمَّةِ محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالا أو قد بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَأَظْهَرَ الِاسْتِبْشَارَ فَقَالَ الرَّجُلُ: وَمِمَّ اسْتِبْشَارُكُمَا؟ قَالَا إِنَّهُ نَبِيُّ السَّاعَةِ وَقَدْ دَنَا انْقِضَاءُ عَذَابِنَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ} أَيْ أَحَدًا، وَ"مِنْ" صِلَةٌ {حَتَّى} يَنْصَحَاهُ أَوَّلًا وَ {يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ} ابْتِلَاءٌ وَمِحْنَةٌ {فَلَا تَكْفُرْ} أَيْ لَا تَتَعَلَّمِ السِّحْرَ فَتَعْمَلَ بِهِ فَتَكْفُرَ، وَأَصْلُ الْفِتْنَةِ: الِاخْتِبَارُ وَالِامْتِحَانُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فَتَنْتُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ إِذَا أَذَبْتُهُمَا بِالنَّارِ، لِيَتَمَيَّزَ الْجَيِّدُ مِنَ الرَّدِيءِ وَإِنَّمَا وَحَّدَ الْفِتْنَةَ وَهُمَا اثْنَانِ، لِأَنَّ الْفِتْنَةَ مَصْدَرٌ، وَالْمَصَادِرُ لَا تُثَنَّى وَلَا تُجْمَعُ، وَقِيلَ: إِنَّهُمَا يَقُولَانِ "إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرُ" سَبْعَ مَرَّاتٍ.
قَالَ عَطَاءٌ وَالسُّدِّيُّ: فَإِنْ أَبَى إِلَّا التَّعَلُّمَ قَالَا لَهُ: ائْتِ هَذَا الرَّمَادَ (وَأَقْبِلْ عَلَيْهِ) [3] فَيَخْرُجُ مِنْهُ نُورٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ فَذَلِكَ نُورُ الْمَعْرِفَةِ، وَيَنْزِلُ شَيْءٌ أَسْوَدُ شِبْهُ الدُّخَانِ حَتَّى يَدْخُلَ مَسَامِعَهُ وَذَلِكَ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ مُجَاهِدٌ: إِنْ هَارُوتَ وَمَارُوتَ لَا يَصِلُ إِلَيْهِمَا أَحَدٌ وَيَخْتَلِفُ فِيمَا بَيْنَهُمَا شَيْطَانٌ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ اخْتِلَافَةً وَاحِدَةً، {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} أَنْ (يُؤْخَذَ) [4] كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ

[1] ساقطة من ب.
[2] في ب كتلا.
[3] في ب فبل عليه.
[4] في أيأخذ، ويقال: أخذه تأخيذا، والتأخيذ: حبس السواحر أزواج النساء عن غيرهن من النساء، ويقال لهذه الحيلة: الأخذة - بضم فسكون" [انظر: لسان العرب مادة: أخذ] .
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست