responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 70
مَصَعَ [1] مَلَكٌ يَسُوقُ السَّحَابَ وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ: الرَّعْدُ مَلَكٌ يُزْجِي السَّحَابَ فَإِذَا تَبَدَّدَتْ ضَمَّهَا فَإِذَا اشْتَدَّ غَضَبُهُ طَارَتْ مِنْ فِيهِ النَّارُ فَهِيَ الصَّوَاعِقُ، وَقِيلَ الرَّعْدُ صَوْتُ انْحِرَافِ الرِّيحِ بَيْنَ السَّحَابِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
{يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ} جَمْعُ صَاعِقَةٍ وَهِيَ الصَّيْحَةُ الَّتِي يَمُوتُ مَنْ يَسْمَعُهَا أَوْ يُغْشَى عَلَيْهِ. وَيُقَالُ لِكُلِّ عَذَابٍ مُهْلِكٍ: صَاعِقَةٌ، وَقِيلَ الصَّاعِقَةُ قِطْعَةُ عَذَابٍ يُنْزِلُهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَنْ يَشَاءُ.
رُوِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ وَالصَّوَاعِقِ قَالَ: "اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ" [2] .
قَوْلُهُ {حَذَرَ الْمَوْتِ} أَيْ مَخَافَةَ الْهَلَاكِ {وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} أَيْ عَالِمٌ بِهِمْ وَقِيلَ جَامِعُهُمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يجمعهم فيعذبهم. وقيلك مُهْلِكُهُمْ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى "إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ" (66-يُوسُفَ) أَيْ تُهْلَكُوا جَمِيعًا. وَيُمِيلُ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ الْكَافِرِينَ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ وَالْخَفْضِ وَلَا يُمِيلَانِ: "أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ" (41-الْبَقَرَةِ) .
{يَكَادُ الْبَرْقُ} أَيْ يَقْرُبُ، يُقَالُ: كَادَ يَفْعَلُ إِذَا قَرُبَ وَلَمْ يَفْعَلْ {يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} يَخْتَلِسُهَا وَالْخَطْفُ اسْتِلَابٌ بِسُرْعَةٍ {كُلَّمَا} حَرْفٌ جُمْلَةً ضُمَّ إِلَى مَا الْجَزَاءِ فَصَارَ أَدَاةً لِلتَّكْرَارِ وَمَعْنَاهُمَا مَتَى مَا {أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} أَيْ وَقَفُوا مُتَحَيِّرِينَ، فَاللَّهُ تَعَالَى شَبَّهَهُمْ فِي كُفْرِهِمْ وَنِفَاقِهِمْ بِقَوْمٍ كَانُوا فِي مَفَازَةٍ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فِيهِ ظُلُمَاتٌ مِنْ صِفَتِهَا أَنَّ السَّارِيَ {لَا يُمْكِنُهُ} [3] الْمَشْيُ فِيهَا، وَرَعْدٌ مِنْ صِفَتِهِ أَنْ يَضُمَّ السَّامِعُونَ أَصَابِعَهُمْ إِلَى آذَانِهِمْ مِنْ هَوْلِهِ، وَبَرْقٌ مِنْ صِفَتِهِ أَنْ يَقْرُبَ مِنْ أَنْ يَخْطِفَ أَبْصَارَهُمْ وَيُعْمِيَهَا مِنْ شِدَّةِ تَوَقُّدِهِ، فَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْقُرْآنِ وَصَنِيعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ مَعَهُ، فَالْمَطَرُ الْقُرْآنُ لِأَنَّهُ حَيَاةُ الْجِنَانِ كَمَا أَنَّ الْمَطَرَ حَيَاةُ الْأَبْدَانِ، وَالظُّلُمَاتُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ، وَالرَّعْدُ مَا خُوِّفُوا بِهِ مِنَ الْوَعِيدِ، وَذِكْرِ النَّارِ وَالْبَرْقُ مَا فِيهِ مِنَ الْهُدَى وَالْبَيَانِ وَالْوَعْدِ وَذِكْرِ الْجَنَّةِ.

[1] في النهاية لابن الأثير - وقد نقل كلام مجاهد، أي يضرب السحاب ضربة فيرى البرق يلمع. النهاية في غريب الحديث والأثر: 4 / 337.
[2] أخرجه الترمذي في الدعوات باب ما يقول إذا سمع الرعد، برقم (3514) : 9 / 412 وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأحمد: 2 / 100، والبخاري في الأدب المفرد ص 212، وابن السني في عمل اليوم والليلة برقم (298) والدولابي في الكنى: 2 / 117، كلهم من حديث الحجاج بن أرطاة عن أبي مطر عن سالم ... وأبو مطر: لم يوثقه غير ابن حبان، ومع ذلك فقد صححه الحاكم: 2 / 286 ووافقه الذهبي. وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة. (ص 518) وانظر: شرح السنة: 4 / 393 تعليق الأستاذ الأرناؤوط، والكلم الطيب بتخريج الألباني ص (88) .
[3] في الأصل: لا يمكنها.
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 70
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست