نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 1 صفحه : 372
عنه ومجاهد وابن جبير وقتادة والربيع والضحاك والسدي وابن زيد: معنى قوله: لا يَقُومُونَ من قبورهم في البعث يوم القيامة، قال بعضهم: يجعل معه شيطان يخنفة، وقالوا كلهم يبعث كالمجنون عقوبة له وتمقيتا عند جمع المحشر، ويقوي هذا التأويل المجمع عليه في أن في قراءة عبد الله بن مسعود «لا يقومون يوم القيامة إلا كما يقوم» .
قال القاضي أبو محمد: وأما ألفاظ الآية فكانت تحتمل تشبيه حال القائم بحرص وجشع إلى تجارة الربا بقيام المجنون، لأن الطمع والرغبة تستفزه حتى تضطرب أعضاؤه، وهذا كما تقول لمسرع في مشيه، مخلط في هيئة حركاته، إما من فزع أو غيره، قد جن هذا، وقد شبه الأعشى ناقته في نشاطها بالجنون في قوله: [الطويل]
وتصبح من غبّ السّرى وكأنّما ... ألم بها من طائف الجنّ أولق
لكن ما جاءت به قراءة ابن مسعود وتظاهرت به أقوال المفسرين يضعف هذا التأويل ويَتَخَبَّطُهُ «يتفعله» من خبط يخبط كما تقول: تملكه وتعبده وتحمله. والْمَسِّ الجنون، وكذلك الأولق والألس والرود، وقوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا معناه عند جميع المتأولين في الكفار، وأنه قول تكذيب للشريعة ورد عليها.
والآية كلها في الكفار المربين نزلت ولهم قيل فَلَهُ ما سَلَفَ ولا يقال ذلك لمؤمن عاص، ولكن يأخذ العصاة في الربا بطرف من وعيد هذه الآية، ثم جزم تعالى الخير في قوله: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا وقال بعض العلماء في قوله: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ هذا من عموم القرآن، لأن العرب كانت تقدر على إنفاذه، لأن الأخذ والإعطاء عندها بيع، وكل ما عارض العموم فهو تخصيص منه، وقال بعضهم: هو من مجمل القرآن الذي فسر بالمحلل من البيع وبالمحرم، والقول الأول عندي أصح، قال جعفر بن محمد الصادق: حرم الله الربا ليتقارض الناس. وقال بعض العلماء: حرمه الله لأنه متلفة للأموال مهلكة للناس.
وسقطت علامة التأنيث في قوله: فَمَنْ جاءَهُ لأن تأنيث الموعظة غير حقيقي وهو بمعنى وعظ، وقرأ الحسن «فمن جاءته» بإثبات العلامة، وقوله: فَلَهُ ما سَلَفَ أي من الربا لاتباعه عليه منه في الدنيا ولا في الآخرة قاله السدي وغيره، وهذا حكم من الله تعالى لمن أسلم من كفار قريش وثقيف ومن كان يتجر هناك، وسَلَفَ معناه تقدم في الزمن وانقضى.
وفي قوله تعالى: وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ أربع تأويلات: أحدها أن الضمير عائد على الربا بمعنى: وأمر الربا إلى الله في إمرار تحريمه أو غير ذلك. والثاني أن يكون الضمير عائدا على ما سَلَفَ. أي أمره إلى الله في العفو عنه وإسقاط التبعية فيه. والثالث أن يكون الضمير عائدا على ذي الربا بمعنى أمره إلى الله في أن يثيبه على الانتهاء أو يعيده إلى المعصية في الربا. والرابع أن يعود الضمير على المنتهي ولكن بمعنى التأنيس له وبسط أمله في الخير. كما تقول وأمره إلى طاعة وخير وموضع رجاء. وكما تقول وأمره في نمو أو إقبال إلى الله وإلى طاعته، ويجيء الأمر هاهنا ليس في الربا خاصة بل وجملة أموره. وقوله تعالى: وَمَنْ عادَ يعني إلى فعل الربا والقول إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وإن قدرنا الآية في كافر فالخلود خلود تأبيد
نام کتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز نویسنده : ابن عطية جلد : 1 صفحه : 372