نام کتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير نویسنده : ابن باديس، عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 118
المعنى:
قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك، الذين اتخذوا آلهة من دون الله فعبدوها: ادعوا معبوداتكم هذه التي زعمتموها آلهة من دون الله، عندما ينزل بكم الضر، وانظروا:
هل تستطيع تلك المعبودات الباطلة أن تكشف وتزيل عنكم ذلك؟
أو أن تحوله عنكم إلى غيركم؟ فإنكم تجدونها عاجزة عن ذلك غير قادرة على شيء منه.
وإنما يقدر على ذلك الإله الحق، وهو الله الذي خلقها وخلقكم، فاعبدوه هو، وأقلِعوا عن عبادة ودعاء ما سواه.
الأحكام:
تدل الآية على أن دعاء غير الله- تعالى- لدفع الضر، ومثله جلب النفع، عبادة للمدعو:
فإن المشركن كانوا يتعبدون لآلهتهم بهذا الدعاء، الذي نهاهم الله تعالى عنه ببيان خيبتهم فيه، ووقوعه في غير محله.
وتسمية الدعاء عبادة ثابتة لغة وشرعاً بغير دليل:
منها حديث النعمان بن بشير عند أحمد وأصحاب السنن مرفوعاً: «الدعاء هو العبادة» [1].
وحديث أنس عند الترمذي مرفوعاً: «الدعاء مخ العبادة» [2].
وهذا لأن العبادة هي الخضوع والتذلل، لمن بيده الخلق والتصرف والعطاء والمنع. ومظهر هذا الخضوع والتذلل هو الدعاء لدفع الضر، أو جلب النفع؛ فلذلك عبر عنه في الحديث الأول بأنه هو العبادة، أي معظمها وفي الثاني بأنه مخ العبادة أي خالصها.
ودلت الآية أيضاً على أنه لا يجوز دعاء غير الله من المخلوقين، أي مخلوق كان لدفع ضر، ومثله جلب نفع؛ لأن الآية نعت [3] على المشركين دعاءهم من لا يملك كشف الضر ولا تحويله، وهذا أمر يشترك فيه جميع المخلوقين، فلا مخلوق يستطيع كشف الضر أو تحويله عن نفسه ولا عن غيره. فلا مخلوق يجوز دعاؤه.
ودلت على أن كشف الضر أو تحويله- ومثله جلب النفع- إنما هو للمعبود الحق، لأن الآية استدلت عليهم في مقام الأمر بتوحيد الله، فأفاد ذلك قصر هذا التصرف عليه تعالى وحده. [1] أخرجه أحمد في المسند (267/ 4، 271، 276) والترمذي في تفسير سورة البقرة باب16، وابن ماجة في الدعاء باب1. [2] أخرجه الترمذي في الدعوات باب1 (حديث رقم 3371) من طريق الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن أبان بن صالح عن أنس بن مالك عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرفوعاً. قال الترمذي «هذا حديث غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلاّ من حديث ابن لهيعة». وقوله: «مخ العبادة»: أي خالص العبادة ولبها. [3] يقال: هو يَنْعَى على فلان كذا: يعيبه عليه ويشهر به. وفلان ينعى على نفسه بالفواحش: يشهر نفسه بتعاطيها. (المعجم الوسيط: [ص:936]).
نام کتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير نویسنده : ابن باديس، عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 118