نام کتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير نویسنده : ابن باديس، عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 357
{السماء} هي الجرم الأعظم الذي أحاط بالأجرام السابحة في الفضاء كلها، وعلا عليها.
{بنيناها} ضممنا أجزاءها بعضها إلى بعض بغاية الدقة والإحكام، فكانت كالقبة فوق الجمع.
{بأيد} بقوة.
{لموسعون}، لمقتدرون ومطيقون؛ على احتمال أن يكون من الوسع بمعنى القدرة والطاقة، أو لموسعون ومبعدون بين أرجائها على احتمال أن يكون من السعة.
وقدمت السماء، لأنها المشاهد المحسوس الذي تقم به الحجة، وليقع البناء عليها مرتين:
على لفظها وعلى ضميرها، لأن الأصل: وبنينا السماء بنيناها، لتحقيق أنها مبنية، وأن بناءها لم يكن إلاّ من الله القادر الحكيم، ولذلك علق بالفعل قوله: {بأيد}.
والجملة الحالية تدل على أن الإيساع ثابت له عند البناء، فذلك البناء العظيم لم ينقص من قدرته، أو يمنع من توسيعه.
المعنى:
إن هذه القبة التي أحاطت بكم من جميع الأرجاء، نحن بنيناها بقدرتنا ذلك البناء المحكم المتقن، بنيناها ونحن على قوتنا وقدرتنا نقدر على بناء أعظم منها لو شئنا، ونحن على قدرتنا وطاقتنا في إفاضة الخيرات والبركات منها عليكم.
هذا على أنه من الوسع.
أو بنيناها وقد وسعنا أديمها حتى أحاطت بهذه الأجرام السابحة التي منها ما لا يكون معه جرم الكرة الأرضية إلاّ كحمصة فوق مائدة كبيرة.
هذا على أنه من السعة.
تحقيق آية كونية من الآيات القرآنية:
السماء في اللغة هي كل ما علاك؛ فكل ما علا الأرض من سحب وطبقات هواء وكواكب تسبح في الفضاء، وما وراء ذلك من القبة المحيطة الكبرى هو للأرض سماء، وكل هذه متقنة الصنع محكمة الوضع متلاحمة الأجزاء، مرتبط بعضها ببعض ارتباطاً مقدراً بالمسافات المدققة التي لا يكون معها تصادم ولا ارتخاء. ووضعها على هذه الصورة المنظمة المحكمة هو البناء، وعليها كلها ينبغي أن يحمل لفظ الآية المتقدمة.
وقد جاء لفظ السماء في القرآن مراداً به القبة المحيطة في مثل:
{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [الملك: 5]، {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات: 6].
وجاء مراداً به السحاب في مثل {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ} [الزخرف: 11]. فإن
نام کتاب : تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير نویسنده : ابن باديس، عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 357