نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 1 صفحه : 125
جناياتِهم في نقضه
{مِن ديارهم} الضمير للفريق وإيثارُ الغَيْبة مع جواز الخِطاب أيضاً بناءً على اعتبار العنوان المذكورِ كما مرَّ في الميثاق للاحتراز عن توهم كونِ المرادِ إخراجَهم من ديار المخاطَبين من حيث هي ديارُهم لا من حيث هي ديارُ المخرِجين وقيل هؤلاءِ موصولٌ والجملتان في حيّز الصلةِ والمجموعُ هو الخبرُ لأنتم
{تظاهرون علَيْهِم} بحذف إحدى التاءين وقرئ بإثباتهما وبالإدغام وتظّهرون بطرح إحدى التاءين من تتظهرون ومعنى الكل تتعاونون وهي حالٌ من فاعل تَخرجون أوْ منْ مفعولِه أو منهما جميعا مبنية لكيفية الإخراج دافعةٌ لتوهم اختصاصِ الحُرمة بالإخراج بطريق الأصالةِ والاستقلالِ دون المظاهرةِ والمعاونة
{بالإثم} متعلقٌ بتظاهرون حال من فاعله أي ملتبسين بالإثم وهو الفعلُ الذي يستحق فاعلُه الذمَّ واللومَ وقيل هو ما ينفِرُ عنه النفسُ ولا يطمئن إليه القلب
{والعدوان} وهو التجاوزُ في الظلم
{وَإِن يَأْتُوكُمْ أسارى} جمعُ أسير وهو من يؤخذ قهراً فعيل بمعنى مفعول من الأسر أي الشدّ أو جمعُ أسرى وهو جمع أسير كجرحى وجريح وقد قرئ أسْرى ومحلُّه النصبُ عَلى الحاليّةِ
{تفادوهم} أي تخرجوهم من الأسر بإعطاء الفداء وقرئ تَفْدوهم قال السدي إن الله تعالى أخذ عَلى بني إسرائيلَ فِى التوراة الميثاقَ أن لا يقتُلَ بعضُهم بعضاً ولا يُخرجَ بعضُهم بعضاً من ديارهم وأيُّما عبدٍ أو أمةٍ وجدتموه من بني إسرائيلَ فاشترُوه وأعتِقوه وكانت قريظةُ حلفاءَ الأوسِ والنضيرُ حلفاءَ الخزرج حين كان بينهما ما كان من العداوة والشَنَآن فكان كلُّ فريقٍ يقاتل مع حُلفائه فإذا غَلَبوا خرَّبوا ديارَهم وأخرجوهم منها ثم إذا أُسر رجل من الفريقين جمعوا له مالاً فيَفُدونه فعيَّرتهم العربُ وقالت كيف تقاتلونهم ثم تَفْدونهم فيقولون أُمرنا أن نفديَهم وحُرِّم علينا قتالُهم ولكن نستحي أن ندل حلفاء نا فذ مهم الله تعالى على المناقضة
{وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ} هو ضميرُ الشأن وقع مبتدأ ومحرمٌ فيه ضمير قائم مقامَ الفاعلِ وقع خبراً من إخراجهم والجملة خبرٌ لضمير الشأن وقيل محرَّمٌ خبرٌ لضمير الشأن وإخراجُهم مرفوع على انه مفعول مالم يُسمَّ فاعلُه وقيل الضميرُ مهم يفسّره إخراجهم أو راجعٌ إلى ما يدل عليه تُخرجون من المصدر وإخراجُهم تأكيدا وبيان والجملةُ حالٌ منَ الضميرِ في تخرجون أو من فريقاً أو منهما كما مر بعد اعتبار القيد بالحال السابقة وتخصيصُ بيان الحرمةِ ههنا بالإخراج مع كونه قريناً للقتل عند أخذ الميثاقِ لكونه مِظنّةً للمساهلة في أمره بسبب قِلة خَطَره بالنسبة إلى القتل ولأن مساقَ الكلام لذمّهم وتوبيخِهم على جناياتهم وتناقض أفعالهم معاً وذلك مختص بصورة الإجراج حيث لم يُنقلْ عنهم تدارك القتلى بشئ من دِيَةِ أو قِصاصٍ هو السر في تخصيص التظاهرِ به فيما سبق وأما تأخيرُه من الشرطية المعترضةِ مع أن حقه التقديمُ كما ذكره الواحدي فلأن نظْمَ أفاعيلِهم المتناقضةِ في سَمْطٍ واحدٍ من الذكر أدخَلُ في إظهار بطلانها
{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكتاب} أي التوراة التي أُخذ فيها الميثاقُ المذكور والهمزةُ للإنكار التوبيخي والفاءُ للعطف على مقدر يستدعيه المقام أي أتفعلون ذلك فتؤمنون ببعض الكتاب وهو المفاداة
{وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} وهو حرمةُ القتالِ والإخراج مع أن مِن قضية الإيمان ببعضه الإيمانُ بالباقي لكون الكلِّ من عند الله تعالى داخلاً في الميثاق فمناطُ التوبيخ كفرُهم بالبعض مع إيمانهم بالبعض حسبما يفيده ترتيبُ النظمِ الكريم فإن التقديمَ يستدعي في المقام الخطابي أصالةَ المقدَّم وتقدُّمَه بوجهٍ من الوجوه حتماً وإذ ليس ذلك ههنا باعتبار الإنكارِ والتوبيخ عليه وهو باعتبار الوقوعِ قطعاً
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود جلد : 1 صفحه : 125