نام کتاب : العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين جلد : 1 صفحه : 109
{وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} هنا محذوفٌ دلَّ المقامُ عليه [1]، والمعنى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} أي: أَنْعَمْنَا عليهم هذه النعمَ فقابلوا نِعَمَنَا بعدمِ الشكرِ وارتكابِ المعاصي، {وَمَا ظَلَمُونَا} بتلك المعاصي التي قَابَلُوا بها نِعَمَنَا {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.
وقال بعضُ العلماءِ: أُمِرُوا أن لا يدَّخِرُوا من المنِّ والسلوى فخالفوا أَمْرَ اللَّهِ وَادَّخَرُوا، وَمَا ظَلَمُونَا بذلك الادخارِ المنهيِّ عنه ولكن كانوا أنفسَهم يَظْلِمُونَ [2]. والقولُ الأولُ أَشْمَلُ، وهو الصوابُ.
وقوله (جل وعلا) في هذه الآيةِ: {وَمَا ظَلَمُونَا} فيه الدليلُ الواضحُ على أن نَفْيَ الفعلِ لا يستلزمُ إمكانَه [3]؛ لأن اللَّهَ نفى عنه أنهم ظَلَمُوهُ، ونفيُه (جل وعلا) عن نفسِه أنهم ظَلَمُوهُ لا يدلُّ على أنه يمكنُ أن يَظْلِمُوهُ، بل نفيُ الفعلِ لا يدلُّ على إمكانِه.
وقولُه جل وعلا: {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (لكن) واقعةٌ في مَوْقِعِهَا، والمعنى: أن هذا الظلمَ واقعٌ على أنفسِهم حيثُ عَرَّضُوهَا به لسخطِ اللَّهِ (جل وعلا) وعقابِه، فَضَرَرُ فِعْلِهِمْ عائدٌ إليهم، واللَّهُ (جل وعلا) لا تَضُرُّهُ معاصي خَلْقِهِ، ولا تَنْفَعُهُ طاعاتُهم {فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [التغابن: آية 6].
وقد بَيَّنَ القرآنُ في آياتٍ كثيرةٍ أن اللَّهَ (جل وعلا) لا يتضررُ [1] انظر: القرطبي (1/ 409)، الدر المصون (1/ 371). [2] انظر: البحر المحيط (1/ 215). [3] المصدر السابق.
نام کتاب : العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين جلد : 1 صفحه : 109