responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 1  صفحه : 72
وفي هذه الآيةِ سؤالٌ معروفٌ؛ لأن اللَّهَ لَمَّا ذَكَرَ أنهم سَامُوهُمْ سوءَ العذابِ فَسَّرَ قولَه: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} بالبدلِ بعدَه، وَبَيَّنَ أن من ذلك العذابِ العظيمِ السيئِ: تذبيحَ الأبناءِ، واستحياءَ البناتِ. وفي هذا سؤالٌ، وهو أن يقولَ: تذبيحُ الأبناءِ ظاهرٌ أنه من ذلك العذابِ الذي يَسُومُونَهُمْ، أما استحياءُ البناتِ، وهو قولُه: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} فأين وجهُ كونِ هذا من سوءِ العذابِ، مع أن بقاءَ البعضِ قد يظهرُ للناظرِ أنه أحسنُ من تذبيحِ الكُلِّ؟ كما قال الهُذلي ([1]):
حَمِدْتُ إِلَهِي بَعْدَ عُرْوَةَ إِذْ نَجَا ... خِرَاشٌ وَبَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ
الجوابُ عن هذا: أن استحياءَهم للنساءِ استحياءٌ هو من جملةِ العذابِ؛ لأنهم يستحيونهم ليُعَمِّلُوهم في الأعمالِ الشَّاقَّةِ، وليفعلوا بهم ما لا يليقُ من العارِ والشنارِ [2]، وبقاءُ البنتِ - وهي عورةٌ - تحتَ يدِ عدوٍّ لا يُشْفِقُ عليها، يفعلُ بها ما لا يليقُ، وَيُكَلِّفُهَا ما لا تُطِيقُ، هذا من سوءِ العذابِ بلا شَكٍّ، وقد قال جل وعلا: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا} [النساء: آية 9] والعربُ كانوا ربما قَتَلُوا بناتِهم شفقةً وخوفًا عليهم مما يلاقونه مما لا يليقُ بعدَ موتِ الآباءِ، وهو كثيرٌ في شِعْرِهِمْ، وقد قال رجلٌ منهم في ابنةٍ له تُسَمَّى مودَّة ([3]):
مَوَدَّةُ تَهْوَى عُمْرَ شَيْخٍ يَسُرُّهُ ... لَهَا الْمَوْتُ قَبْلَ اللَّيْلِ لَوْ أَنَّهَا تَدْرِي

[1] البيت لأبي خراش الهذلي، انظر: الخزانة (2/ 458).
[2] انظر: ابن عطية (1/ 212)، البحر المحيط (1/ 194)، دفع إيهام الاضطراب ص21.
[3] انظر: أضواء البيان (3/ 286)، دفع إيهام الاضطراب ص22.
نام کتاب : العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير نویسنده : الشنقيطي، محمد الأمين    جلد : 1  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست