نام کتاب : التيسير في أحاديث التفسير نویسنده : محمد المكي الناصري جلد : 1 صفحه : 179
فَطَلٌّ}. أي أن الله تعالى لا يعاقبها بالقحط والجدب، بل يسقيها من فضله أحيانا بالمطر الغزير، وأحيانا بالندى والرذاذ {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
ثم عادت الآيات الكريمة مرة ثانية تحذر المؤمنين من نتائج الرياء والمن والأذى بصدقاتهم، وتنبههم إلى أن عاقبة ذلك إنما هي إحباط عملهم بالمرة، نظير المزرعة الغنية بالنخيل والأعناب والمياه الجارية، عندما يسلط عليها الإعصار والنار، فيحترق كل ما فيها، وتذروها الرياح فتذهب هباء منثورا، هذا مع أنها كانت معقد الأمل وعدة الدهر، لشيخ أصابه الكبر وأعجزه الهرم، ولذرية ضعفاء لا يقوون على الكسب بأي وجه من الوجوه، فكم تكون حسرتهم بالغة، وكم يكون أملهم ضائعا، وذلك قوله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}.
وفي نفس هذا الربع دعوة من الله لعباده المؤمنين إلى تجنب الإنفاق والصدقة بالدون من الأشياء، والرديء من الأصناف، الأمر الذي يقتضي أن يكون عمل البر بالطيب لا بالخبيث، وبالمحبوب لا بالمستكره، وذلك قوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}. ثم ختمت هذه التعليمات الإلهية بقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}. أي (غني) عن الخبيث والمستكره الذي قد ينفق منه ضعفاء الإيمان، (حميد) لما ينفقه أقوياء الإيمان من طيبات ما رزقهم الله، ابتغاء مرضاة الله،
نام کتاب : التيسير في أحاديث التفسير نویسنده : محمد المكي الناصري جلد : 1 صفحه : 179