نام کتاب : التيسير في أحاديث التفسير نویسنده : محمد المكي الناصري جلد : 1 صفحه : 211
ومن مجموع هذه الآيات يتبين أن القرآن الكريم يعبر عن يوم الحشر بيوم الجمع، ويطلق كلمة الجمع على الحشر والحساب، وهذا الجمع يشمل بالضرورة جميع ذرية آدم، الذي جعله الله خليفة في الأرض، فحملت ذريته أمانة التكليف {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ}، كما قال تعالى.
وتأتي في هذا الربع آية كريمة تؤكد معنى سبق الإيماء إليه في قصة طالوت وجالوت من سورة البقرة عند قوله تعالى: {وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ}. وهذه الآية الثانية جاءت في صورة تلقين من الله لرسوله: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وهي تتضمن إثبات التدخل المستمر من طرف الحكمة الإلهية، والإرادة الربانية في تعديل موازين القوة، وتغيير نسب السلطة في العالم، على وجه يتحقق به مراد الله في خلقه، ويتحقق به خير البشر على العموم، وتصديقا لهذه الآية وتطبيقا لمقتضاها مكن الله المسلمين من مقاليد الأرض واستخلفهم، فكانوا خير أمة أخرجت للناس.
ومن آيات هذا الربع التي ينبغي الوقوف عندها وقفة خاصة قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}. ففي هذه الآية نهي صريح للمؤمنين عن مودة الكافرين والثقة بهم وموالاتهم القلبية، ولم يكتف الحق سبحانه وتعالى بإصدار النهي إلى المؤمنين عن موالاة
نام کتاب : التيسير في أحاديث التفسير نویسنده : محمد المكي الناصري جلد : 1 صفحه : 211