صبر لرأى العجب. قال: وكان إذا ذكر أحدًا من الأنبياء بدأ بنفسه)) وهذا من تواضعه -صلى الله عليه وسلم.
ثم قال: فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية لئام، فطافا في المجلس فاستطعما أهلها، فأبوا أن يضيفوهما إلى قوله: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} (الكهف: 78) قال: وأخذ بثوبه ثم تلا إلى قوله: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} (الكهف: 79) إلى آخر الآيات، فإذا جاء الذي يسخرها وجدها منخرقة فتجاوزها فأصلحوها بخشبة، إلى آخر ما سنعرف من بيان هذه الأسرار التي أوضحها الخضر، أو الخضر لموسى -عليه وعلى نبينا السلام.
إذًا فهذه هي الأسرار التي كانت في هذه المرافقة، وهذه الصحبة مع الخضر، وأنه فعل أشياء لا يمكن في الظاهر أن يسلم بها، لكن الرجل اشترط من البداية على موسى شرطًا، بأنه عليه أن يصبر، وألا يسأل عن شيء حتى يبين له السر فيه، لكن موسى وجد أشياء ما استطاع أن يصبر عليها، فنسي في أول مرة حين ركب في السفينة فخرقها الخضر، نعم هو قد وضع قطعة من الخشب تسد هذا المكان، لكننا سنعرف سر ذلك فيما سوف يكشفه هذا العبد الصالح لنبي الله موسى -عليه السلام.
علم الله المكنون وكشف الأسرار
ومن هنا يأتي الفصل الثالث في هذه القصة العظيمة من قصص القرآن، وهو كشف الأسرار، وفيه قول الله -سبحانه وتعالى-: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا * وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا * وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} (الكهف: 79 - 82).
إذًا