بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس العشرون
(دعوة نوح -عليه السلام)
التعريف بنوح -عليه السلام- ودعوته
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
نقف بإذن الله تعالى على نماذج من دعوة الرسل: نبدؤها بنوح -عليه السلام-:
من هو نوح؟ وفي أي عصر بعثه الله لقومه؟:
لعلكم تلحظون معي في سياق القرآن لقصص أنبيائه ورسله، أنه لم يذكر نَسَب أحد منهم أو تاريخ رسالته، إنما يسمي الأنبياء بأسمائهم، ولم يذكر إلّا يحيى وذكر أباه زكريا، على أن ذلك آية من آيات الله؛ إذ رزق بيحيى على الكبر بعد أن وهن منه العظم واشتعل الرأس شيبًا، ووصلت امرأته إلى سنِّ اليأس، ولذلك لما بشرها لله بيحيى قال: {رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} (مريم: 8)، وذكر القرآن عيسى وأنه ابن مريم، وهو بذلك آية من آيات الله، ولذلك لما بشّرها الله به قالت: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} (مريم: 20، 21).
وإبراهيم ذكَر القرآن أن أباه آزر، وأيضًا ذكر إسماعيل وأن أباه إبراهيم -عليهما السلام-، فذكر نسب الأنبياء ليس من أغراض القرآن، إنما المقصود هو موطن العبرة في دعوته، وماذا فيها من معالم الهداية، وماذا كان من أمر هذا الرسول وأمر قومه.
فقد ذكر المؤرخون ومن يكتبون في قصص الأنبياء نسب هؤلاء الأنبياء وأين كانت دعوتهم، فذكر ابن كثير في قصص الأنبياء أنّ نوحًا هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ -وهو إدريس- بن يرد بن مهلاييل بن قنين بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام، وقد أرسله لقومه بعد أن تغيّرت معالم الحق،