العقد، ولكن كثيرًا ما يكون هذا السحر بالاستعانة بأرواح شيطانية، فالسحر له أثره وضرره، ولكن أثره وضرره لا يصل إلى الشخص إلا بإذن الله، فهو سبب من الأسباب الظاهرة التي تتوقف على مشيئة مسبب الأسباب رب العالمين جل وعلا.
وأما استدلالهم بأنه يلتبس الأمر بين المعجزة والسحر إذا أثبتنا للسحر حقيقة، فنقول: إن الفرق بينهما واضح، فإن معجزات الأنبياء -عليهم السلام- هي على حقائقها، وظاهرها كباطنها، وكلما تأملتها ازددت بصيرة في صحتها، وأما السحر فظاهره غير باطنه، وصورته غير حقيقته، يُعرف ذلك بالتأمل والبحث، ولهذا أثبت القرآن الكريم للسحرة أنهم استرهبوا الناس وجاءوا بسحر عظيم، مع إثبات أن ما جاءوا به إنما كان عن طريق التمويه والتخييل.
قال العلامة القرطبي: "لا ينكر أحد أن يظهر على يد الساحر خرقًا للعادات، بما ليس في مقدور البشر، من مرض وتفريق وزوال عقل وتعويج عضو، إلى غير ذلك، مما قام الدليل على استحالة كونه من مقدورات البشر.
قال: ولا يبعد في السحر أن يستدق جسم الساحر حتى يلج في الكوات والكوخات، والانتصاب على رأس قصبته، والجري على خيط مستدق، والطيران في الهواء، والمشي على الماء، وركوب كلب وغير ذلك، ومع ذلك فلا يكون السحر موجبًا لذلك ولا علة لوقوعه، ولا سببًا مولدًا ولا يكون الساحر مستقلًا به، وإنما يخلق الله تعالى هذه الأشياء، ويحدثها عند وجود السحر، كما يخلق الشبع عند الأكل، والري عند شرب الماء.
ثم قال: قد أجمع المسلمون على أنه ليس في السحر ما يفعل الله عنده، من إنزال الجراد والقمل والضفادع، وفلق البحر وقلب العصا وإحياء الموتى وإنطاق