بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فيقول: أحضِروه. فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول: إنك لا تُظلم. قال: فتُوضَعُ السجلات في كفة، والبطاقة التي فيها الشهادة في كفة، قال: فطاشت السجلات، وثقلت البطاقةُ، ولا يثقل شيء بسم الله الرحمن الرحيم)) أخرج الحديث أحمد، والترمذي، وابن ماجه وسنده صحيح.
و"السجل": الكتاب الكبير، "فيبهت الرجل" يعني: ينقطع ويسكت متحيرًا مدهوشًا، و"البطاقة": رقعة صغيرة يثبت فيها مقدار ما يجعل فيه إن كان عينًا فوزنه أو عدده، وإن كان متاعًا فثمنه. وفي هذا السياق فائدة جميلة، وهي أن العامل يوزن مع عمله، ويشهد له ما رواه البخاري عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة، وقال: اقرءوا إن شئتم قول الله تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} (الكهف: 105))) أخرجه البخاري، ومسلم.
وروى الإمام أحمد عن ابن مسعود أنه كان يجتني سواكًا من الأراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفوه -يعني: تميله- فضحِكَ القوم منه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مم تضحكون؟ قالوا: يا نبي الله، من دقة ساقيه. فقال: والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد)) أخرجه أحمد وأخرجه الطبراني.
وقد وردت الأحاديث أيضًا بوزن الأعمال نفسها، كما في (صحيح مسلم) عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الطهور شَطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزانَ)) أخرجه مسلم، والترمذي.
وفي الصحيحين -وهو خاتمة كتاب البخاري- قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)) أخرجه البخاري ومسلم.