نام کتاب : استشهاد الحسين رضوان الله عليه بين الحقائق والأوهام نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 28
فالعواطف وحدها لتكفي في قلب الأنظمة وإزالة الدول، فلا بد من القيادة الراشدة، والتنظيم المحكم، والتخطيط البعيد، وتوثيق الأفراد، والأعداد المعنوي والمادي معاً جنباً إلى جنب، ونستطيع أن نقول بأن ما اعتمد عليه مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة من حسابات كانت خاطئة وغير صحيحة، فقد ظن مسلم بن عقيل إن العاطفة المحركة لكثير من العامة هي السبيل الوحيد للنصر ولم يأخذ في الاعتبار تأييد زعماء الكوفة أو الاتصال بهم، ولم يحاول مسلم بن عقيل أن ينظم تلك الجموع، وفق اختصاصات معينة تسيطر عليها منظمة سرية تستطيع أن تتحرك في الخفاء وبدون قيود، كما أنه أخفق في توظيف الإمكانات التي توفرت له، حيث أن العاطفة المسيطرة على المجتمع الكوفي كفيلة بأن تقلب الأمور لصالحه وذلك بعد إرادة الله، فيما لو استخدمت وأرشدت تلك العاطفة إرشاداً صحيحاً مميزاً، ونجد الطرف الآخر النصير وهو هانيء بن عروة والذي يعتبر من أبرز الناس الذين أيدوا مسلماً وناصروه اعتمد على قوة وكثرة قبيلته، وظن أنه بمنأى عن العقاب وذلك باعتباره زعيماً لمراد التي ذكر المؤرخون أنه كان يركب في أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجل، وإذا انضاف لهذه القبيلة أحلافها من كندة بلغ العدد ثلاثين ألف دارع، سوى الرجالة [1]، ولكن حسابات هانيء بن عروة كانت خاسرة، فالناس قد ضعفت بينهم الروابط القديمة التي تعتبر فيها القبيلة محور الارتكاز، وزعيم القبيلة هو القائد المهيمن الذي ينصاع لأوامره الجميع بدون تردد وكان لتقسيمات الأرباع في ولاية زياد بن أبيه أثر في هذا الضعف، كما أن نظام العطاء ربط مصالح القبائل بالسلطة الأموية، لقد كانت الحسابات التي ارتكز عليها هانيء والتي اعتمد فيها على القبيلة قد أثبتت خسارتها [2]، وممّا قيل من الشعر في مقتل مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة: [1] مروج الذهب (3/ 6). [2] مواقف المعارضة صـ259 إلى 261.
نام کتاب : استشهاد الحسين رضوان الله عليه بين الحقائق والأوهام نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 28