نام کتاب : طبقات النحويين واللغويين نویسنده : الزبيدي، أبو بكر جلد : 1 صفحه : 104
عارضتُك في قصيدتك، وكنت بحضرة أمير المؤمنين. ثم اندفع ينشد شيئًا، لولا أنَّها جواب وبها تجب الفائدة لأمسكتُ عنها، قال:
في أيِّ سَلْحٍ تَرْتَطِمْ ... وبأيِّ كفٍّ تَلْتَقِمْ
أدخلتُ رأْسَ البحتريّ أَبا عُبادة في الرَّحِمْ
ووصل ذلك بما أشْبَهه، فضحك المتوكل، وضرب برجله اليسرى، وقال: ادْفعوا إلى أبي العنبس عشرة آلاف. فقال الفتحُ: يا سيدي، فالبحتري الذي هُجِي وأُسمِع المكروهَ ينصرفُ خائبًا؟! قال: وتُدفَع إليه عشرة آلاف درهم. فقال له: يا سيدي، فهذا البصري الذي أَشْخَصناه من بلدِه، لا يشرَكهم فيما حصَّلوه؟ قال: يدفع إليه أيضًا عشرة آلاف درهم. فانصرفنا في شفاعة الهزل، ولم ينفع البحتريَّ جِدُّه واجتهادُه ولا تقدُّمُه.
ولم يكن أبو العباس محمد بن يزيد -على رياسته، وتفرُّده بمذهب أصحابه، وإرْبائه عليهم بفطنتهم وصحَّة قريحته- متخلِّفًا في قول الشعر، وكان لا يَنْتَحل ذلك ولا يَعْتَزِي إليه، ولا يرسُم نفسَه به، وله أشعار كثيرة، منها قوله أبيات يمدح بها عُبيدَ الله بن عبد الله. وكان سبب اتصاله بالطاهريْن أنه لما قُتِل الفتح بن خاقان، كتب محمد بن عبد الله في إشخاص محمد بن يزيد، فلم يزلْ مُقيمًا معه، وأرزاقه مسبّبة على أعمال مصر، حَسَب ما كانت أرزاقُ الندامَى تُجرَى عليه، يدلُّ على ذلك ما شاهدتُه منه يومًا، وقد ورد عليه كتاب من طاهر بن الحارث، مع غلام له يقال له: نَصْر، في دَرْجِه كتاب التَّسبيب بأرزاقه إلى مصر، فأجاب عن الكتاب أبياتًا قالها على البديهة، وهي:
بنفسي أخٌ شددتُ به أَزْرِي ... فألقيته حرًّا على العُسْر واليسرِ
أغيبُ فلي منه ثناءٌ ومدحةٌ ... وأحضرُ منه أحسنَ القول والبِشْر
نام کتاب : طبقات النحويين واللغويين نویسنده : الزبيدي، أبو بكر جلد : 1 صفحه : 104