وكنا - والله - ما ننام لحظة في ليلنا كلِّه لشدَّة بكاء طفلنا من الجوع، إذ لم يكن ثديي ما يغنيه ...
ولم يكن في ضرعي ناقتنا ما يغذِّيه ...
ولقد أبطأنا بالركَّب بسبب هُزال أتاننا [1] وضعفها فضجر رفاقنا منَّا ...
وشقَّ عليهم السَّفر بسببنا.
فلمَّا بلغنا مكَّة وبحثنا عن الرُّضعاء وقعت في أمر لم يكن بالحسبان ... ذلك أنه لم تبق امرأةٌ إلاَّ وعرض عليها الغلام الصَّغير محمَّد بن عبد الله ...
فكنَّا نأباه لأنَّه يتيم، وكنَّا نقول:
ما عسى أن تنفعنا أمُّ صبيٍّ لا أب له؟! ...
وما عسى أن يصنع لنا جدُّه؟! ...
****
ثمَّ إنَّه لم يمض علينا غير يومين اثنين حتَّى ظفرت [1] إلآَّتان: أنثي الحمار.