نام کتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي نویسنده : طاهر سليمان حمودة جلد : 1 صفحه : 242
صدقه، ولهذا قال بعض أكابر العلماء: إذا قبلنا رواية أهل العدل وهم يرون أن من كذب فسق فكيف لا يقبل رواية الخوارج وهم يرون أن من كذب كفر، والذي يدل على قبول نقلهم أن الأمة أجمعت على قبول صحيح مسلم والبخاري، وقد رويا عن قتادة وكان قدريا، وعن عمران بن حطان وكان خارجيا وعن عبد الرزاق وكان رافضيا» [1].
ويتضح من هذا أن اللغويين يحاولون أن تكون شروطهم مماثلة لشروط المحدثين حيث يحتج ابن الأنباري لقبول نقل أهل الأهواء في اللغة بما فعله البخاري ومسلم، بيد أن هذا في الحقيقة لا يطابق الواقع، إذ المحدثون أكثر تشددا في الرواية وتحري الرواة من اللغويين نظرا لطبيعة نقولهم التي تتصل مباشرة بالدين، ولتوفر الدوافع إلى الكذب في الحديث أكثر من توفرها في اللغة، وهناك أمر ثالث وهو طول الاسناد في الحديث وكثرة الرجال الذين يحتاج نقاد الحديث إلى ضبطهم ومعرفة أحوالهم، والأمر في اللغة يختلف عن ذلك فقد تساهل اللغويون في البحث عن أحوال نقلة اللغة جرحا وتعديلا كما فعل المحدثون، ولا نكاد نجد محاولة جادة في ذلك إلا عند أبي الطيب اللغوي في كتابه «مراتب النحويين»، وإن كان هذا الكتاب في ظاهره يبدو تعريفا بأئمة اللغة ورواتها. وقد أنكر الرازي على اللغويين هذا الاهمال، وبرغم تعقب الأصبهاني له فإنه وافقه في أنه كان من الواجب على اللغويين أن يبحثوا عن أحوال الرواة [2]، ويحاول القرافي أن يجد عذرا لمسلك اللغويين بقوله: «إنما أهملوا ذلك لأن الدواعي متوفرة على الكذب في الحديث بأسبابه المعروفة الحاملة للواضعين على الوضع، وأما اللغة فالدواعي إلى الكذب فيها في غاية الضعف ... ولما كان الكذب والخطأ في اللغة وغيرها في غاية الندرة، اكتفى العلماء فيها بالاعتماد على الكتب المشهورة المتداولة فإن شهرتها وتداولها يمنع من ذلك مع ضعف الداعية له، فهذا هو الفرق» [3]. [1] المصدر السابق ص 86 - 88. [2] المزهر ج 1 ص 118، 119. [3] المصدر السابق ج 1 ص 119، 120.
نام کتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي نویسنده : طاهر سليمان حمودة جلد : 1 صفحه : 242