responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون نویسنده : محمد عزير شمس    جلد : 1  صفحه : 517
وسِنَان الباطنيُّ لظَنَّا تحقيقَه، من مُنتَحَلِه، وابنُ حَزْمٍ والشَّهْرستانيُّ لحَشَرَ كلٌّ منهما ذِكرَه أمَّةً في نِحَلِه، والحاكمُ النَّيسابوري والحافظ السِّلَفي لأضافَه هذا إِلى استدراكِه وهذا إِلى رِحَلِه.
تَرِدُ [إِليه] الفتاوي ولا يَرِدُها، وتَفِدُ عليه فيُجِيب عليها بأجوبةٍ كأنَّهُ كَانَ قاعدًا لها يُعِدُّهَا:
أبدًا على طَرَفِ اللسانِ جوابُه ... فكأنَّما هي دَفعةٌ مِن صَيِّبِ
يَغدُو مُسَاجلُه بغُرَّةِ صافحٍ ... ويَرُوحُ مُعتَرِفًا بذلَّةِ مُذْنِبِ
ولقد تَضَافَرتْ عليه عُصَبُ الأعداءِ فَأُلْجِمُوا إذْ هَدَرَ فَحْلُه، وأُفْحِمُوا إذْ زَمزَمَ ليَجْنِيَ الشهدَ نَحْلُه، ورُفِعَ إِلى السلطانِ غيرَ مَا مَرَّةٍ ورُمِيَ بالكبَائِر، وتُرُبِّصَتْ به الدَّوائِرُ، وسُعِيَ به ليُؤْخَذَ بالجَرائِر، وحَسَدَه مَن لم يَنَل سَعْيَه وكثر فَارتَابَ، ونَمَّ فما زادَ على أَنَّه اغتابَ.
وأُزْعِجَ من وَطنِه تارةً إِلى مِصْرَ ثمَّ إِلى الإِسكندرية، وتارةً إِلى مَحْبَسِ القَلْعَةِ بدمَشْقَ، وفي جميعها يُودَعُ أَخْبِئَةَ السُّجونِ، ويُلْدَغُ بِزُبَانَي المَنُونِ، وهو على علمٍ يُسَطِّرُ صُحُفَه، ويَدَّخِرُ تُحَفَه، وما بينه وبين الشيء إِلاَّ أَنْ يُصنِّفَه، ويُقرِّطَ به ولو سَمْعَ امْرِىٍ واحدٍ ويُشَنِّفَه، حتَّى تَسْتَهديَ أطرافُ البلادِ طُرَفَه، وتَسْتَطلعَ ثَنايا الأقاليم شُرَفَه، إِلى أَنْ خَطَفَتْه آخرَ مَرَّةٍ من سِجْنِه عُقَابُ المنَايا، وجَذّبَتْهُ إِلى مَهْوَاتِها قرارةُ الرزايَا.
وكَانَ قبلَ مَوتِه قَد مُنِعَ الدَّواةَ والقَلَم، [وطُبِعَ على قلبه] منه طابعُ الألَمِ، فكان مبدأُ مَرَضِه ومَنْشَأُ عَرَضِه، حتَّى نزلَ قِفارَ المقابر، وتركَ فَقَارَ المنابر، وحَلَّ ساحةَ تُربه ومَا يُحاذِر، وأخذَ راحةَ قَلبه من اللائِم والعاذِر، فماتَ لا بل حَيِي، وعُرِفَ قَدْرُه لأنَّ مِثلَه ما رُئِي.

نام کتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون نویسنده : محمد عزير شمس    جلد : 1  صفحه : 517
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست