responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول نویسنده : صديق حسن خان    جلد : 1  صفحه : 543
وينظرون إلى كل أحدٍ بعين الازدراء، وفي ذلك عبرة للمعتبرين، وعظة بليغة لأهل الدين، وإنما العاقبة للمتقين.
والذي غمني أني ظهرتُ في زمان خلا عن وجود العلم والعلماء، وبرزت في أناس هم الأوغاد والسفهاء، وولدت في عصر طغى فيه أهل البدع على أهل الاتباع، وخفي فيه أصحاب الفضائل والكمال، ومن كان منهم نادرًا فله الصداع، وجئت في دهر غلبَ على أهله حبُّ المال على الكمال، وفاق شرُّه على خيره بلا احتيال، وطُمِس فيه أعلامُ الدول الإسلامية، وظهر فيه راياتُ الفرق الكفرية، وكلَّ حين يزدادُ ذلك قوةً ورفعة، ويندرس معه الإسلام وأهله.
والله أعلم ماذا يكون فيما يُستقبل من الزمان، وإلى ما يرجع مآلُ نوع الإنسان، فقد بَعُد عهدُ النبوة، وظهرت الفتن، وعَمَّت المحن، وذهبت الفتوة والمنن، وأطلق أفراخُ الفلسفة وأوساخُ الدهرية ألسنتَهم طعنًا في الدين، وهضمًا للمسلمين، وفشا الكذب، وأُشرب في قلوب الخلق حُبُّ العجل، ترى الناسَ زِيُّهم زِيُّ الأحبّاء، وهم ببواطنهم أعدى الَأعداء، ميلُهم في تكثير المآكل والمشارب، والملابس والمراكب والمساكن، والمتنزهات وتحسينها فوقَ ميلهم إلى تحصيل العلم وكسبِ الفضائل والكمالات، إلى أن رفضوا ما كان عليه سلفُهم، وأئمةُ خلفهم من العضِّ بالنواجذ على الدين، والاعتصامِ بمشاعر الإسلام، وشعائرِ الإيمان، وتكميلِ منازل الإحسان، وهدايةِ الجيران، وإصلاحِ ذاتِ بَيْنِ الإخوان، بإيثار أوامرِ المِلَّة ونواهيها، وإحكام أحكامِ النِّحْلة وغاياتها ومباديها، والاهتمام في محوِ آثار الظلام، المؤديةِ إلى ذِلَّة وقِلَّة وعِلَّة.
وقد استعبد ولاةُ الزمان هؤلاء كلِّهم، حتى صاروا كالأرقاء لهم والمملوكين، لا يقدرون على شيء من مخالفتهم وخلافِهم، في أيِّ أمرٍ من أمور الدنيا والدين، وقد أظلَّ زمانٌ لم يبق فيه لمؤمن بالغيب وباليوم الآخر، مقر يقرُّ فيه، ومفرٌّ يفر إليه، ومأمنٌ يأمَنُ فيه، ومعوَّلٌ يعوِّلُ عليه.
حتى مكةُ والمدينة، فإن فيهما من المحن لمن يعمل بالأدلة، ولا يقول بتقليد الضالة المضلَّة ما لا يقدر قدره، بل هي فيهما زيادة على غيرهما من البلاد

نام کتاب : التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول نویسنده : صديق حسن خان    جلد : 1  صفحه : 543
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست