على أسد الخلق، "وفشا مذهب أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللهُ - بالمغرب» [1].
ويبدو أن الحقيقة تجانب ما روى القدسي، فإن أسد بن الفرات لم يكن أول من أظهر آراء أهل العراق - أبي حنيفة وصحبه - بإفريقية، بل سبقه إلى ذلك بنصف قرن فقيه مُحَدِّثٌ جَلِيلُ القَدْرِ، هُوَ:
- عبد الله بن عمر بن فروخ، أبو محمد الفارسي، أصله من خراسان، وقدم أبوه إفريقية فولد له بها ابنه عبد الله سنة 115 هـ، وقرأ على محدثيها، ثم قصد الشرق واتصل في العراق بالأعمش (سليمان بن مهران) التابعي، وحمل عنه كثيرًا من الحديث، ثم اجتمع في الكوفة بالإمام أبي حنيفة النعمان وصحبه مدة طويلة، وكتب عنه مسائل كثيرة، يقال إنها عشرة آلاف مسألة، وكان ابن فروخ يميل إلى مذهب النظر والاستدلال، فغلب عليه القياس على طريقة أهل العراق فيما يتبين له أنه الصواب، ويروى أنه ناظر يومًا زُفَرَ في مجلس أبي حنيفة، فازدراه زُفَرُ لهيئته الإفريقية ولباسه المغربي، فلم يزل يناظره
(1) " أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم "، للمقدسي طبعة ليدن سنة 1877 م.