عمر الفاروق خيرة الله وخيرة رسوله، مضى حميداً على منهاج صاحبيه، لم يغيّر، ولم يبدّل، قال: ما تقول في عثمان؟ قال: المقتول ظلماً، المجهّز جيش العسرة، الحافر بئر رومة، المشتري بيته في الجنة، صهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنتيه، زوَّجه النبي - صلى الله عليه وسلم - بوحي من السماء، قال: فما تقول في علي؟ قال: ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأول من أسلم؛ زوج فاطمة، وأبو الحسن والحسين، قال: فما تقول في معاوية؟ قال: أنت أعلم ونفسك، قال: بت بعلمك، قال: إذاً يسوؤك ولا يسرّك، قال: بت بعلمك، قال: اعفني، قال: لا عفا الله عني إن أعفيتك، قال: إني لأعلم أنك مخالف لكتاب الله – تعالى –، ترى من نفسك أموراً تريد بها الهيبة، وهي تقحمك الهلكة، وسترد غداً فتعلم، قال: أما والله لأقتلنك قتلة لم أقتلها أحداً قبلك، ولا أقتلها أحداً بعدك، قال: إذاً تفسد عليّ دنياي، وأفسد عليك آخرتك، قال: يا غلام، السيف والنطع، قال: فلما ولّى ضحك، قال: أليس قد بلغني أنك لم تضحك؟ قال: وقد كان ذلك، قال: فما أضحكك عند القتل؟ قال: من جرأتك على الله، ومن حلم الله عنك، قال: يا غلام اقتله، فاستقبل القبلة وقال: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، فصرف وجهه عن القبلة، قال: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله}، قال: اضرب به الأرض، قال: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}، قال: اذبح عدو الله، فما أنزعه لآيات القرآن منذ اليوم.
وقبل أن ينزل السيف على رقبة سعيد دعا ربه قائلاً: اللهم لا تسلط الحجاج على أحد بعدي.
وسقط رأس سعيد على الأرض، الرأس التي كانت تحوي علوماً كثيرة، وتضم تفسير كلام رب العالمين، سقطت على الأرض، وذكر