واهجر النّوم وحصّل فمن ... يعرف المطلوب يحقر ما بذل (1)
فالعلم حياة، والجهل موت: وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ [فاطر: 22]. والعلم نور والجهل ظلمات، والعالم بمنزلة البصير والجاهل بمنزلة الأعمى: وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ (20) [فاطر: 19 - 20].
وطلب العلم على قسمين:
الأول: فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وهو الذي نحصل به على معرفة الله سبحانه وتعالى ومعرفة نبيه محمد صلّى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء.
والثاني: فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين.
وحكم علم التجويد الوجوب الكفائي تعلما وتعليما ومن الواجب على كل من يحفظ أو يقرأ بعضه العمل به، ولا شك أنه من أشرف العلوم، لتعلقه بأشرف كتاب، ومن فضل الله تعالى على أمة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم أن أنزل القرآن بلسان عربي، وفي ذلك تشريف للأمة، قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [يوسف: [1]]، وقال سبحانه: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء: 195].
ولقد اختار الله تعالى أفصح الألسنة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم وشرفه وأكرمه وكرمه بحمل الرسالة الكريمة إلى البشر أجمعين، وأمره بترتيل كتابه فقال تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: 4].
وإذا تأملت- يرحمك الله- وجدت أن النبي صلّى الله عليه وسلم قد أحب العربية، وكان على رأس من ملكوا البيان والمعاني، فكان بديعا في لغته يكلم كل قبيلة بلسانها، فقال صلّى الله عليه وسلم: «أحب العربية لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة عربي».
وقد أختار الله تبارك وتعالى أيضا من عباده من شرفهم بحمل كتابه، وتلاوته على الوجه الذي يرضيه، فهم سلسلة النور في كل عصر ومصر قال تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا [فاطر: 32]. [1] انظر بهجة الناظرين (ص 212).