نام کتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 296
10 - وصية موفق الدين ابن قدامة: قال الشيخ موفق الدين: الحمد لله ذي الوجه الكريم، والفضل العظيم، والمن القديم، وصلى الله على محمد خاتم النبيين، وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
- فقد سألني بعض إخواني الصالحين أن أكتب له وصية، فامتنعت عن ذلك، لعلمي أني غير مستوص في نفسي، ولا عامل بما ينبغي، ثم بدا لي أن أجيبه إلى مسألته، رجاء ثواب قضاء حاجة الأخ المسلم، ودعائه لي، وأن يجري لي أجر إذا عمل بوصيتي، وأن أكون من الدالين إلى الخير، حين عجزت عن عمله لأكون بدلالتي عليه كفاعله، والأعمال بالنيات، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب [1].
- اعلم رحمك الله، أن هذه الدنيا مزرعة الآخرة، ومتجراً رباحها، وموضع تحصيل الزاد منها، والبضائع الرابحة بها بذر السابقون، وفاز المتقون، وأفلح الصادقون، وربح العاملون، وخسر المبطلون، وإن هذه الدار هي أمنية أهل الجنة وأهل النار، قال الله تعالى في أهل النار "وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل" (فاطر، 37) وقال سبحانه: "ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين" (الأنعام،: 27) وقال في حق أهل الجنة "ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين" (النحل،: 30) قال الحسن: هي الدنيا لأن أهل التقوى يتزودون فيها للآخرة، ذكر ذلك البغوي رحمه الله وقال ابن مسعود رضي الله عنه فيما يرونه: إن أرواح الشهداء كطير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش، فبينما هم كذلك إذ أطّلع عليهم ربك إطلاعة فقال: يا عبادي سلوني ما شئتم. قالوا ربنا نسألك أن تردّ أرواحنا في أجسادنا، ثم تردنا إلى الدنيا، فنقتل مرة أخرى، فلما رأى أنهم لا يسألون إلا ذلك تركوا حقيقة الدنيا كما يرأها ابن قدامه. [1] وصايا وعظات قيلت في آخر الحياة ص 180، 181.
نام کتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 296