وفيها مات أبو الحسن علي بن كثير [1] العامري الشاكري من أهل قرية من قرى واسط له شعر فائق ونظم رائق، فمن ذلك قوله: [الكامل]
أيروم هذا القلب بئر [2] جراحه ... وسيوف لحظك تنتفي لكفاحه
يا مستبيح دم المتيّم عامدا ... أنسيت يوم البعث حمل جناحه
(23 ب) نظري الذي بالحسن قد أفسدته ... إفساده في الحسن غير صلاحي
حتّام تطرف طرف عيني بالبكا ... وإلآم طرفي مولع بطماحه
يا ويح مودع سرّه في جفنه ... فلقد أراد الستر من فضّاحه
ليت الحبيب غداة أثمر خدّه ... لم ينه عيني عن جنى [3] تفاحه
يا لائم المشتاق تبغي نصحه ... مر بالهوى لتكون من نصّاحه
أو ما هو الرّشأ الذي خلخاله ... يشكو به [4] اضطراب وشاحه
يفتر عن شنب تلألأ نوره ... كالروض لاح إليك نور أقاحه
ويدير ناظره فيسكرنا فقل ... رشا ينوب بعينه عن راحه
ومولده سنة تسع وستين وخمسمائة، وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
وفيها مات أبو العباس محمد بن قراطاي [5] بن عبد الله الإربلي، كان شابا حسن الصورة، مهيبا من أمراء مظفر الدين صاحب إربل، أقام بإربل إلى أن مات مظفر الدين فرحل عنها ورحل الى حلب فأكرمه الملك العزيز وأقرّه على الإمره وأحسن إليه غاية الإحسان.
اشتغل بالأدب فحصل منه طرفا جيدا، وله نظم فمنه قوله: [المنسرح]
بورد خدّيك إنه قسم ... صلني فقد شفّ جسمي السّقم
يا صنما ظل فيه عابده ... كم من دم قد أرقت يا صنم
منحتني بالخيال مختلسا ... يا ليت عمري بأسره حلم
(24 أ) لله من غادر محاسنه ... متى من العاشقين ينتقم [1] لم أقف على ترجمة له في المصادر المتوفرة لديّ. [2] كذا في الأصل. [3] في الأصل: جنا. [4] مقدار كلمة فراغ في الأصل. [5] ترجمته في الوافي 4/ 353، تاريخ الإسلام للذهبي، الطبقة الرابعة والستون:199 (رقم 288).