responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 226
عدد من كبار الأمراء في دمشق، وبخاصة أسد الدين شيركوه وتماديهم في اقتناء الأملاك، وتجاوز بعضهم حقوق البعض الآخر، فكثرت الشكوى إلى قاضي القضاة كمال الدين الشهرزوري فأنصف بعضهم من بعض لكنه لم يقدم على الإنصاف من شيركوه، فأنهى الحال إلى نور الدين، فأصدر أمره حينئذ ببناء دار العدل [1]. يقول ابن الأثير: فلما سمع شيركوه ذلك أحضر نوابه جميعهم وقال لهم: اعلموا أن نور الدين ما أمر ببناء هذه الدار إلا بسيي وحدي، وإلا فمن هو الذي يمتنع على كمال الدين؟ والله لئن حضرت إلى دار العدل بسبب أحدكم لأصلبتّه فامضوا إلى كل من بينكم وبينه منازعة في ملك فافصلوا الحال معه وأرضوه بأي شيء أمكن ولو أتى على جميع ما بيدي فقالوا له: إن الناس إذ علموا هذا اشتطوا في الطلب. فقال: خروج أملاكي من يدي أسهل عندي من أن يراني نور الدين بعين أني ظالم، أو يساوي بيني وبين آحاد العامة في الحكومة (أي القضاء)؛ فخرج أصحابه من عنده وفعلوا ما أمرهم، وأرضوا خصماءهم وأشهدوا عليهم، فلما فرغت دار العدل جلس نور الدين فيها لفصل الحكومات فلم يحضر عنده أحد يشكو من أسد الدين، فعرفه الحال فقال: الحمد لله إذ أصحابنا ينصفون من أنفسهم قبل حضورهم عندنا [2]. وثبت لنور الدين أهمية هذه الدار فعممها في غير دمشق ([3]
وكان نور الدين يجلس في دار العدل مرتين في الأسبوع، وقيل أربع مرات أو خمس للنظر في أمور الرعية وكشف ظلاماتهم: لا يطلب بذلك درهما ولا ديناراً ولا زيادة ترجع إلى خزانته، وإنما يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله. [4] وكان يحضر معه قاضي القضاة كمال الدين الشهرزوري وكبار العلماء والفقهاء من سائر المذاهب لاعتمادهم كمجلس استشاري لاتخاذ القرارات النهائية ويأمر بإزالة الحاجب والبواب حتى يصل إليه الضعيف والقوى والفقير والغني، ويكلمهم بأحسن الكلام ويستفهم منهم بأبلغ النظام حتى لا يطمع الغني في دفع الفقير بالمال ولا القوي في دفع الضعيف بالمقال ويحضر في مجلسه العجوز الضعيفة التي لا تقدر على الوصول إلى خصمها والمكالمة معه فتغلب خصمها طمعاً في عدله ويعجز الخصم عن دفعها خوفاً من عدله، فيظهر الحق عنده فيجري الله على لسانه ما هو موافق للشريعة، ويسأل العلماء والفقهاء عما يشكل عليه من الأمور الغامضة فلا يجري في مجلسه إلا محض الشريعة [5]. ولم يميز نور الدين في دار العدل هذه بين أبناء رعيته على أي دين كانوا، فكان كما يقول ابن الأثير: ينصف

[1] نور الدين محمود الرجل والتجربة ص 76.
[2] الباهر ص 168 نور الدين محمود الشهيد ص 76.
[3] رائد نصر المسلمين على الصليبيين نور الدين محمود ص 326 ..
[4] كتاب الروضتين (1/ 62).
[5] المصدر نفسه (1/ 62).
نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست