responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 252
الرجل ورفضه للخرافة، وفهمه العميق للرجال: في رجب - يقول العماد - فوض إليّ نور الدين إحدى مدارسه وعّول علي في التدريس والنظر في أوقافها وكان الفقيه فيها أبا البركات خضر بن شبل الدمشقي، فلما توفي سنة 562هـ خلفّ ولدين واستمر فيها على رسم الوالد، ثم خدعهما رجل مغربي استهواهما بعمل الكيمياء [1]، ونهج بهما سبيل الإغواء فصاهراه وظاهراه فغاظ نور الدين هذا المعنى وأحضرهما واستوفى عليهما أنواع التوبيخ، فلم يجد من أحدهما لأمره سمع فقال لي: تسلّم الموضوع ورتبني فيه مدرساً وناظراً [2].
والمقصود من كلامي أن الملك العادل نور الدين محمود زنكي مارس الشورى على أسس صحيحة في دولته وكانت له مجالس شورية يلتقي فيها القادة العسكريون والإداريون مع العلماء والفقهاء، فكل حاكم يريد لحكمه أن يستمر ولنظام دولته أن يستقر عليه أن يكون حريصاً على الإلمام بحقيقة الأوضاع ببلاده، والشورى خير سبيل لتحقيق هذه الغاية.

ومع تطور أمور الحياة لا غنى لأمة تريد أن تنهض عن مبدأ الشورى ولا مانع من ضبط ممارسة الشورى وفق نظام أو منشور أو قانون يعرف فيه ولي الأمر حدود ما ينبغي أن يشاور فيه ومتى وكيف؟ وتعرف الأمة حدود ما تستشار فيه ومتى؟ وكيف؟ لأن الشكل الذي تتم به الشورى ليس مصبوباً في قالب حديدي [3]، فأشكال الشورى وأساليب تطبيقها ووسائل تحقيقها وإجراءاتها ليست من قبيل العقائد وليست من القواعد الشرعية المحكمة التي يجب التزامها بسروة واحدة في كل العصور والأزمنة، وإنما هي متروكة للتحري، والاجتهاد والبحث والاختيار، أما أصل الشورى فإنه من قبيل المحكم الثابت الذي لا يجوز تجاهله أو إهماله لأن الشورى في جميع الأمكنة والأزمنة مفيدة ومجدية، والدكتاتورية أو حكم الفرد في جميع الأمكنة والأزمنة كريهة ومخربة [4].
إن شؤون الحياة متعددة، ولكل شأن منها أناس هم المختصون فيه وهم أهل معرفته، ومعرفة ما يجب أن يكون عليه، ففي الأمة جانب القوة، وفي الأمة جانب القضاء وفض المنازعات وحسم الخصومات، وفيها جانب المال والاقتصاد، وفيها جانب السياسية وتدبيرالشؤون الداخلية والخارجية، وفيها جانب الفنون الإدارية وفيها جانب

[1] يوم كاتن الكيمياء دجلاً وشعوذة وسحراً ومحاولة لاستخراج الذهب من التراب بمعونة الجن والشياطين.
[2] البرق ص 119 - 120.
[3] فقه النصر والتمكين في القرآن الكريم ص 464.
[4] فقه النصر والتمكين في القرآن الكريم ص 465.
نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست