responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 103
عليه واستغاثوا به وشرحوا له الأخطار التي تحيق بحلب ومدى الصعوبات التي يعانيها أهل المدينة، فأجابهم الرجل: إنكم ترون ما أنا الآن فيه من المرض، ولكني قد جعلت لله عليَّ نذراً لئن عافاني من مرضي هذا لأبذلن جهدي في أمركم والذي عن بلدكم وقتال أعدائكم ولم تمض ثلاثة أيام على مقابتله تلك حتى فارقته الحمى، وتماثل للشفاء، وسرعان ما ضرب خيمته بظاهر الموصل، ونادى قواته لأن تتأهب لقتال الصليبيين وإنقاذ حلب، وفي غضون أيام معدودات غدا جيشه على أهبة الاستعداد فغادر الموصل متجهاً إلى الرحبة، وأرسل من هناك إلى طغتكين أمير دمشق وخير خان أمير حمص يطلب منهما مساعدته في إنجاز مهمته، فلبى هذان الأميران دعوته وبعثا عساكرهما للانضمام إلى جيش البرسقي الذي كان قد تحرك آنذاك صوب بالس القريبة من حلب وأرسل من هناك إلى مسؤوليها وشرط عليهم - مسبقاً - تسليم قلعة حلب لنوابه لكي يحتمى بها في حالة انهزامه أمام الصليبيين فأجابوه إلى طلبه، وما أن استتب الأمر لؤلاء النواب وأطمأن الرجل إلى وجود حماية أمينة في حالة تراجعه، حتى بدأ زحفه صوب مواقع القوات الصليبية التي تطَّوف حلب [1].
وصلت قوات طلائع البرسقي حلب يوم الخميس الثاني والعشرين من ذي الحجة من سنة 518هـ وما أن اقترب البرسقي بقواته المنظمة حتى أسرع الصليبيون في التحول إلى منطقة أفضل من الناحية الدفاعية، فعسكروا في جبل جوشن على الطريق إلى إنطاكية، وهكذا غدوا في حالة الدفاع بعد أن كانوا مهاجمين، وخرج الحلبيون إلى خيامهم فنالوا منها ما أرادوا، بينما اتجه قسم آخر منهم لاستقبال البرسقي والاحتفاء به لدى وصوله، وقد أدرك الرجل ما يرمي إليه الصليبيون بانسحابهم واتخاذهم موقفاً دفاعياً، فلم يتسرع بمهاجمتهم قبل أن يعيد تنظيم قواته من جديد، خوفاً من نزول هزيمة فادحة بعساكره قد تعرض حلب للسقوط، وأرسل طلائعه الكشفية لرد القوات المتقَّدمة إلى معسكراتها في حلب وقال موضحاً خطته هذه: ما يؤمننا أن يرجعوا علينا ويهلك المسلمون؟ ولكن قد كفى الله شرهم، فلندخل إلى البلد ونقويه وننظر إلى مصالحه، ونجمع لهم إن شاء الله، ثم نخرج بعد ذلك إليهم. ومن ثم دخل البرسقي حلب، وبدأ بحل مشاكلها ورفع مستواها الاقتصادي والاجتماعي، فنشر العدل وأصدر مرسوماً برفع المكوس والمظالم المالية وإلغاء الصادرات وعمَّت عدالته الحلبيين جميعاً بعدما منوابه من الظلم والمصادرات وتحكم المتسلطين طيلة فترة الحصار الصليبي [2]، ولم يكتف البرسقي بذلك، بل قام بنشاط واسع لجلب المؤن والغلال إلى المدينة كي يخفف من حدة الغلاء، ويقضي على الضائقة التي يعاينها الحلبيون، وما لبث النشاط الزراعي في منطقة حلب أن عاد إلى حالته الطبيعية، حيث استأنف

[1] نهر الذهب للغزي (3/ 86 - 87) دراسات تاريخية ص 18.
[2] زبدة حلب (2/ 229 - 230) دراسات تاريخية ص 19.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 103
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست