نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 134
الأهمية القصوى للوحدة بين الإمارات الإسلامية لمواجهة الخطر الفرنجي وتحرير البلاد من احتلالهم، ثم الأهمية الاستراتيجية لإمارة دمشق في المواجهة مع الفرنجة، وضرورة الاستيلاء عليها بأي ثمن، ومنها وضع التدخل الأوروبي في الصراع مع الإمارات الفرنجية في الاعتبار [1].
4 - موقف رجال الدين المسيحي من الحملة الصليبية الثانية:
أما عن موقف رجال الدين المسيحي من خروج الحملة الصليبية الثانية إلى الشرق، فإنه لم يكد نبأ سقوط الرها - في يد عماد الدين زنكي سنة 539هـ/1144م يتردد في عواصم غرب أوروبا حتى أثار مخاوفاً وقلقاً شديدين، وأدرك الصليبيون أن ذلك يمثل بداية النهاية لبقية الإمارات الصليبية في الأراضي المقدسة بالمسؤولين عن إمارة أنطاكية، واستقر الرأي على إرسال وفد إلى البابا يوجنيوس الثالث 540هـ - 548هـ/1145 - 1153م) ليدعو إلى حملة صليبية جديدة فقامت بالفعل في أوروبا حركة كبيرة تدعو بكل حماس إلى سرعة القيام بهذه الحملة لإعادة إمارة الرها إلى المسيحيين وبادر البابا يوجينيوس الثالث بدعوة لويس السابع ملك فرنسا، وكونراد الثالث إمبراطور ألمانيا ليتزعما تلك الحملة. وقد رحب لويس السابع بطلب البابا، ودعا أتباعه للاجتماع به للنظر فيما يتخذ من الترتيبات ولما لم يبد هؤلاء أي حماس للاشتراك في هذه الحملة، قرر الملك لويس السابع تأجيل تنفيذ دعوة البابا لمدة ثلاثة شهور، ولجأ إلى أحد أعلام الدين المسيحي في مملكته، وهو القديس برنارد - رئيس دير كليرفو الذي كان يتمتع بشهرة كبيرة ويفوق الملك في السلطة على حد تعبير المؤرخ الإنجليزي رانسيمان، فقد كان له قدرة عظيمة على الإقناع والتأثير في الناس، ولم يكد الملك لويس السابع والبابا يوجينيوس يطلبان منه القيام بالدعوة للحملة الصليبية حتى أسرع القديس برنارد لتلبية هذا الطلب والعمل بكل قواه من أجل إنجاح هذا المسعى ([2])،
وكما وقف البابا أوربان الثاني في كليرمونت يدعو للحملة الصليبية الأولى قبل ذلك بخمسين سنة وقف القديس برنارد خارج كنيسة فيزيليه في شوال 540هـ/مارس 1146م يدعو للحملة الصليبية الثانية، ونفذ ببلاغته إلى قلوب متعطشة للحرب والمغامرة فتشتعل ناراً، فلما استمع الناس لسحر بيانه وبلاغته وفصاحته، أخذوا يصيحون طالبين الصلبان، وعندئذ خلع القديس برنارد أرديته الخارجية فقطعت وحيكت صلبانا، وظل هذا القديس ومساعدوه يخيطون الصلبان لكل الذين تطوعوا للاشتراك في هذه الحملة [3] وبعد عدة أيام كتب القديس برنارد رسالة إلى البابا يتضح منها مدى تأثير رجال الدين المسيحي في الناس ومدى طاعة الناس [1] دور نور الدين في نهضة الأمة ص 151. [2] تاريخ الحروب الصليبية رنسيمان (2/ 407 - 409) .. [3] دور الفقهاء والعلماء المسلمين في الشرق الأدنى ص 254.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 134