نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 179
على هذا الأمر لأُعرَّفَنَّ أسد الدين. فقال له أبوه. والله لئن لم أفعل لنقتلن جميعاً. فقال: صدقت، ولا نقتل ونحن مسلمون والبلاد بيد المسلمين خير من أن نقتل وقد ملكها الفرنج، فليس بينك وبين عود الفرنج إلا أن يسمعوا بالقبض على شركوه، وحينئذ لو مشى العاضد إلى نور الدين لم يرسل فارساً واحداً ويملكون البلاد، فترك ما كان عزم عليه [1]، وأخير اتفق صلاح الدين وبعض الأمراء على التخلص من هذا الخائن المراوغ شاور فأسروه، وسمع العاضد بذلك فأرسل إلى شيركوه يطلب رأسه، وأذن أسد الدين بقتله فقتل، وأرسل رأسه إلى العاضد في السابع عشر من ربيع الآخرة، عام 643هـ [2].
ر- تولي أسد الدين الوزارة للعاضد: ودخل أسد الدين القاهرة، وقصد قصر العاضد فخلع عليه الوزارة، ولقبه الملك المنصور، وأمير الجيوش، واستعمل على الأعمال من يثق به من أصحابه وأقطع البلاد لعساكره، وقد مدح الشعراء أسد الدين شيركوه لما حقق من انتصارات فقال العماد:
بلغت بالجد مالا يبلغ البشر ... ونلت ما عجزت عن نيله القُدَر
أصبحت بالعدل والإقدام منفرداً ... فقل لنا: أعلّي أنت أم عمر
افخر فإن ملوك الأرض أذهلهم ... ما قد فعلت، فكلُّ فيك مفتكِرُ
سهرت إذ رقدوا بل هُجْتَ إذ سكنوا ... وصُلت إذ جبنوا، بل طُلت [3] إذ قصروا
س- وفاة أسد الدين: ولم تطل وزارة شيركوه، حيث توفي في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة 564هـ فكانت ولايته شهرين وخمسة أيام رحمه الله رحمة واسعة وخلفه في الوزارة ابن أخيه صلاح الدين [4] وكان أسد الدين من أكبر قادة نور الدين، وقد ادخره الملك العادل للخطوة الكبرى التي كان يمهد لها، وهي ضم مصر إلى بلاد الشام وكان رحمه الله كريماً على جنده، صارماً يعرف كيف يقر النظام في عسكره فهابه جنده وأحبوه، وركبوا معه المخاطر في حملات عظيمة [5]، نفع الله بها الإسلام والمسلمين وساهمت في تقوية المشروع المقاوم للغزو الصليبي الذي كان يقوده نور الدين ثم من بعده صلاح الدين وكان شيركوه شجاعاً بارعاً قوياً جلداً في ذات الله، شديداً على الكفار، وطاعته عظيمة، في [1] المصدر نفسه (2/ 56). [2] الجهاد والتجديد ص 203. [3] كتاب الروضتين ص 203، 204. [4] الجهاد والتجديد ص 204. [5] المصدر نفسه ص 204.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 179