responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 235
الفقهاء والقضاة والعلماء ويفتح الباب للمتحاكمين حتى يصل إليه كل أحد من كبير وصغير، وعجوز هرمة، وشيخ كبير وكان يفعل ذلك سفراً وحضراً، على أنه كان في جميع أزمانه قابلاً لما يعرض عليه من القصص، كاشفاً لما ينتهي إليه من المظالم وكان يجمع القصص في كل يوم، ويفتح باب العدل، ولم يردّ قاصداً للحوادث والحكومات، ثم يجلس مع الكاتب ساعة، إما في الليل أو النهار، ويوقَّع على كل قصة بما يُطلق الله على قلبه، ولم يردّ قاصداً أبداً ولا منتحلاً وطالب حاجة، وهو مع ذلك دائم الذكر والمواظبة على التلاوة، ولقد كان رؤوفاً بالرعيّة، ناصراً للدين، مواظباً على تلاوة القرآن العزيز، عالماً بما فيه، عاملاً به، لا يعدوه أبداً، رحمة الله عليه، وما استغاث إليه أحد إلا وقف وسمع قضيته، وكشف ظلامته، وأخذ قصته، ولقد اشتغاث إليه إنسان من أهل دمشق يقال له: ابن زُهير على تقي الدين - ابن أخيه - فأنفذ إليه ليحضره إلى مجلس الحكم، فما خلصَّه إلى أن أشهد عليه شاهدين معروفين مقبولي القول أنه وكّل القاضي أبا القاسم أمين الدين - قاضي حماة - في المخاصمة والمنازعة، فحضر الشاهدان، وأقاما الشهادة بعد دعوى الوكيل الوكالة الصحيحة، وإنكار الخصم [1]، قال القاضي ابن شداد.
فلما ثبتت الوكالة أمرت أبا القاسم بمساواة الخصم فساواه - وكان من خواص السلطان - رحمه الله - ثم جرت المحاكمة بينهما، واتجهت اليمين على تقي الدَّين، وانقضى المجلس على ذلك، وقطعنا عن إحضاره دخول الليل، وكان تقي الدين من أعز الناس عليه، وأعظمهم عنده، ولكنه لم يُحابه في الحق [2]. ومما يدل على عدله أنه كان يقف بجانب خصمه أمام القضاء دون أن يرى في ذلك حرجاً أو غضاضة لأن الحق في نظره أحق أن يتّبع، وقد حدث أن أدعى تاجر يدعى (عمر الخلاطي) على صلاح الدين أنه أخذ منه أحد مماليكه ويدعى "سنقر" واستولى على ما كان لهذا المملوك من ثروة طائلة بدون وجه حق، وعندما تقدم التاجر المدعي بظلامته إلى القاضي ابن شداد، أظهر صلاح الدين حلماً كبيراً ورضي أن يقف موقف الخصم من صاحب الدعوى، وأحضر كلُّ من الطرفين من لديه من شهود وما لديه من أدلة يثبت بها رأيه، حتى اتضح في النهاية - عند القاضي كذب الرجل وإدعاءه الباطل على صلاح الدين ومع كل هذا رفض صلاح الدين أن يترك المدعي يخرج من عنده خائباً فأمر له بخلعة ومبلغ من المال ليدلل على كرمه في مواضع المؤاخذة مع القدرة [3] ومما يدل على عدله سهره على مصالح الرعية إزالته بعض المكوس والضرائب تخفيفاً عن الناس، ورفعاً للظلم عن كواهلهم وقد ذكر ابن جبير من مناقب صلاح الدين وآثاره التي أبقاها ذكراً جميلاً للدين والدنيا وأنه أزال

[1] سيرة السلطان الناصر لابن شداد ص 66.
[2] المصدر نفسه ص 66.
[3] المصدر نفسه ص 69، صلاح الدين، علوان ص 143.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 235
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست