نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 237
فقال: أما بالقتل فقريب من مائة ألف، وأما بالموت والغرق فلا نعلم، وما رجع من هذا العالم إلا الأقل، وكان لابدّ له من أن يطوف حول العدوّ في كل يوم مرة أو مرتين إذا كنا قريباً منهم، وكان صلاح الدين، إذا اشتد الحرب يطوف بين الصفيّن ومعه صبي واحد وعلى يده جنيب، ويخرق العساكر من الميمنة إلى الميسرة، ويرتّب الأطلاب، ويأمرهم بالتقدّم والوقوف في مواضع يراها، وكان يشارف العدوّ ويجاوره ([1])،
قال ابن شّداد: ولقد قرئ عليه جزء من الحديث بين الصفين وذلك أني قلت له: قد سُمع الحديث في جميع المواطن الشَّريفة ولم يُنْقل أنه سمع بين الصفّين، فإن رأى المولى أن يؤثر عنه ذلك كان حسناً، فأذن في ذلك، فأحضر جزءٌ وهناك أحضر من له به سماع، فقُرئ عليه ونحن على ظهور الّدواب بين الصفّين، ونمشي تارة، ونقف أخرى، وما رأيته استكثر العدو أصلاً، ولا استعظم أمرهم قط، وكان مع ذلك في حال الفكر والتدبير، يذكر بين يديه الأقسام كلها، ويرتب على كل قسم مقتضاه من غير حدَّة ولا غضب يعتريه، رحمه الله، ولقد انهزم المسلمون في يوم المصافّ الأكبر بمرج عكّا، حتى القلب ورجاله، ووقع الكُوس [2] والعَلَم [3] وهو - رضي الله عنه - ثابت القدم في نفر يسير قد انحاز إلى الجيل يجمع الناس ويردَّهم ويخجَّلهم حتى يرجعوا ولم يزل كذلك حتى نُصر عسكر المسلمين على العدو في ذلك اليوم، وقتل منهم زهاء سبعة آلاف ما بين راجل وفارس [4]، ولم يزل مصابراً لهم، وهم في العدة الوافرة، إلى أن ظهر له ضعفُ المسلمين، فصالح وهو مسؤول من جانبهم، فإن الضعف والهلاك كان فيهم أكثر، ولكنهم كانوا يتوقعون النُّجد، ونحن لا نتوقعها، وكانت المصلحة في الصُّلح، وظهر ذلك لما أبدت الأقضية والأقدار ما كان في مكنونها [5].
رابعاً: كرمه: والكرم لباب الأخلاق الفاضلة، ومدارج الفضيلة وُصِفَت الأخلاق به وشرفت بالانتساب إليه من باب إضافة الصَّفة للموصوف، فكُلُّ شيء يشرف في بابه يوصف به [6]، وعن أنس رضي الله عنه [1] سيرة السلطان الناصر صلاح الدين لابن شداد ص 73 .. [2] الكُوس: ضوجات من نحاس شبه الترس الصغير. [3] كان العلم السلطاني الخاص بصلاح الدين أصفر وفي وسطه رسُم نسر أحمر. [4] المصدر نفسه. [5] سيرة الناصر صلاح الدين، لابن شداد ص 74. [6] الأخلاق بين الطبع والتطبيع ص 157.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 237