responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 248
قريباً من العدو، وقد رتّب الناس ميمنة وميسرة وقلباً تعبية القتال. وكان مع ذلك كله يركب من بكرة النهار إلى صلاة الظهر يطوف على الأطلاب، ومن العصر إلى صلاة المغرب وهو صابر على شّدة الألم وقوّة ضَرَبان الَّدمامل، وأنا أتعجب من ذلك، فيقول: إذا ركبتُ يزول عني ألمها حتى أنزل، وهذه عناية ربانية. ولقد مَرض - رحمه الله - ونحن على الخرّوبة وكان قد تأخر عن تلّ الحَجَل بسبب مرضه، فبلغ ذلك الفرنج، فخرجوا طمعاً في أن ينالوا من المسلمين شيئاً - بسبب مرضه، رحمه الله، وهي نوبة النهر، فخرجوا في مرحلة إلى الآبار التي تحت التلّ، فأمر هو - رحمه الله - بالثَّقْل حتى تجهز للرحيل، والتأخر إلى جهة النّاصرة، وكان عماد الدين صاحب سنجار متمرضاً أيضاً، فأذن له، حتى يتأخر مع الثَّقل، وأقام هو.
ثم رحل العدوّ في اليوم الثاني يطلبنا، فركب على مَضَض، ورَتّب العسكر للقاء القوم تعبية الحرب، وجعل طرف الميمنة الملك العادل، وطرف الميسرة تقي الدين، وجعل ولده الملك الظاهر في القلب والملك الأفضل، ونزل هو وراء القوم، وأوّل ما نزل من التلّ أحضر بين يديه إفرنجي قد أسر من القوم، فأمر بضرب عنقه، فضُرب عنقه بين يديه، بعد عرض الإسلام عليه وإبائه عنه، وكلما سار العدو يطلب رأس النهر سار هو يستدير إلى ورائهم، حتى يقطع بينهم وبين خيامهم، وهو يسير ساعة ثم ينزل يستريح، ويتظلّل بمنديل على رأسه من شّدة وقع الشمس عليه، ولا ينصب له خيمة حتى لا يرى العدو ضعفاً، ولم يزل كذلك حتى نزل العدّو برأس النهر، ونزل هو قبالتهم على تلَّ مطلَّ عليهم إلى أن دخل الليل، ثم أمر العساكر المنصورة أن عادت إلى محال المصابرة، وأن يبيتوا تحت السَّلاح، وتأخر هو ونحن في خدمته، إلى قمة الجبل، فضربت له خيمة لطيفة، وبتُّ تلك الليلة أجمع أنا والطبيب نمرضه ونشاغله، وهو ينام تارة ويستيقظ أخرى، وأحدقت بالعدو، ورحل العدو عائداً إلى خيامهم من الجانب الغربي من النهر، وضايقه المسلمون في ذلك اليوم مضايقة شنيعة وفي ذلك اليوم قّدم أولاده بين يديه احتساباً: الملك الظاهر والملك الأفضل والملك الظافر، وجميع من حضر منهم، ولم يزل يبعث من عنده حتى لم يبق عنده إلا أنا والطبيب وعارض الجيش والغلمان بأيديهم الأعلام والبيارق لا غير، فيظن الرائي لها عن بُعد أن تحتها خَلْقاً عظيماً، وليس تحتها إلا واحد يُعّد بخلق عظيم، ولم يزل العدو سائراً والقتل يعمل فيهم، وكلما قتل منهم شخص دفنوه، وكلما جُرح منهم رجل حملوه، حتى لا يبقى بعدهم مَنْ يُعلم قتله وجرحه، وهم سائرون ونحن نشاهدهم، حتى اشتّد بهم الأمر، ونزلوا عند الجسر، وكان الإفرنج متى ما نزلوا إلى الأرض أيس المسلمون من بلوغ غرض منهم؛ لأنهم يحتمون في حالة النزول حماية عظيمة، وبقي في موضعه، والعساكر
على ظهور الخيل قبالة العدوّ إلى آخر النهار، ثم أمرهم أن يبيتوا على مثل ما باتوا عليه، وعدنا إلى منزلنا في الليلة الماضية، فبتنا على ما بتنا عليه إلى الصباح من مضايقة العدوّ ورحل العدّو، وسار على مضض من القتل والقتال، حتى دنا إلى خيامه، وخرج إليه منها من أنجده حتى وصلوا إلى

نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 248
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست