نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 315
حتى لا ينفصل عنه أحد إلا طيب القلب، ومع ذلك كله فلم يكن يسمح أثناء الدرس الواحد من الحاضرين أن يلهو أو يعبث أو يتحدث مع جاره أو يشغل غيره عن الأصغاء والمتابعة مهما كان شأنه ومكانته، حتى إذا ما انتهى من عبارته أو فكرته التي يتحدث فيها أتاح للحاضرين الاستفسار والتعليق. روى الحافظ الذهبي أن السلطان صلاح الدين وأخاه حضرا يوماً عنده لسماع الحديث وأنهما تحدثا معاً بصوت منخفض، فالتفت إليهما وزيرهما وأظهر لهما عدم الرضا، وقال: أيش هذا؟ نحن نقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم - وأنتما تتحدثا؟ فأصغيا عند ذلك [1].
ج- حبه للمطالعة وجمع الكتب: وكان - رحمه الله - كثير المطالعة، واسع المعرفة، مجداً في التحصيل، كثير البحث عما يشكل، لم يكن يشغله بعد الفراغ من التدريس إلا القراءة في كتاب أو النسخ من كتب الآخرين أو التحقيق والتعليق عليها. وقد وصفه تلميذه الحافظ عبد القادر الرهاوي فقال: ما نكاد ندخل عليه إلا ونراه مطالعاً في شيء. وكان يحب الكتب حباً جماً ويحرص حرصاً شديداً على جمعها وتملكها، حتى لقد تجمع لديه منها مجموعات كثيرة منوعة لم يسعفه الوقت للنظر فيها، فلما مات وجدوا معظمها قد عفنت ولصق بعضها ببعض، نتيجة لرطوبة جو الإسكندرية مما أدى إلى تلف الكثير منها [2]، وما كان يصل إليه من المال كان يخرجه.
5 - علاقته مع المثقفين: كانت حلقات الدرس في المسجد أولاً ثم في المدرسة بعد ذلك هي همزة الوصل بينه وبين كافة فئات المثقفين من الناس وقد استطاع من خلال تلك الحلقات أن يكون له صلات واسعة مع عدد كبير جداً من من علماْ الحديث وطلابه، ومع رجال الفكر والأدب، كالكتاب والأدباء والشعراء، ومع كبار موظفي الدولة كالولاة والقضاة وغيرهم ومع أرباب المهن والحرف المختلفة كالأطباء والمهندسين والتجار والورّاقين ومجلدي الكتب وأئمة المساجد والوعاظ والنسّاخ والمؤذنين، ومع كثير من حجاج المغرب والأندلس الذين كانوا يفدون إلى الإسكندرية في طريقهم إلى الحج، وأما علاقته مع الشعراء، فقد كانت طيبة متميزة يسودها الود والتعاطف فقد كان يأنس بهم ويحب مجالستهم والاستماع إليهم [1] الحافظ أبو الطاهر ص 118 [2] المصدر نفسه ص 119.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 315