responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 32
صقلية على الاستنجاد بإفريقية من ناحية ثانية كل ذلك أدى إلى دخول الحركة الصليبية في طورها الجديد الذي اتخذ صفة العالمية [1] وكانت البابوية تدعم هذه الحرب بالموافقة والتوجيه والدعاية والدعم المعنوي، فهذه حروب صليبية متقدمة على إعلان البابا أوربان الثاني بدء الزحف الصليبي إلى المشرق سنة 488هـ - 1095م [2].
وتعتبر إفريقية بمدلولها التاريخي أحد هذه الميادين في الصراع الصليبي، فقد كانت الجبهة الإفريقية ميدانا نشطت فيه قوى العدوان الصليبي لعدة قرون، يتمثل ذلك في حملات عديدة وجهت إليها الواحدة تلو الأخرى، ولم تفتر للصليبيين في ذلك همة ولم يوهن الفشل لهم عزيمة، فكما أن بلدان المغرب الإسلامي كانت أول من أكتوى من البلاد الإسلامية بنار الاستعمار الأوروبي الحديث، كانت بلدان الجناح الغربي من العالم الإسلامي ومن ضمنها إفريقية هي التي تلقت الضربات الأولى للصليبيين، والسبب في ذلك يعود إلى عدة اعتبارات جغرافية وتاريخية من أهمها قربها الشديد من غرب أوروبا مركز الحركة الصليبية ومعرفة الأوروبيين الواسعة نسبياً لأوضاع المسلمين في هذه المنطقة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لسهولة الاتصال بين الطرفين، ثم الحقد الشديد الذي كان يكنه الأوروبيون للمسلمين المغاربة ([3]
وبالذات لكونهم هم الذين تولوا عبء الجهاد في أوروبا أكثر من غيرهم من المسلمين، وما كان يشعر به الأوروبيون من خطر هؤلاء إذ تهيأت لهم الوحدة والقيادة المخلصة، لكل ذلك كانت أوروبا تتربص بمسلمي هذه المنطقة الدوائر وتتحفز للوثوب عليهم منتظرة الفرصة المناسبة، وأخذت هذه الفرصة التي طالما انتظرها محركو قوى العدوان الصليبي تتهيأ منذ أواسط القرن الخامس الهجري (الحادي عشر للميلاد)، إذ أصاب الجناح الغربي من العالم الإسلامي من التمزق ما جعله يسير بخطى حثيثة نحو التردي إلى الهاوية، ولم يكن وضع إخوانهم في المشرق بأحسن حال منهم، فكان هذا التمزق وافتراق الكلمة هو السبب الأهم في البلاء الذي نزل بالمسلمين في المشرق والمغرب على حد سواء وما أشبه اليوم بالأمس، لقد كان ولا يزال تفرق العرب والمسلمين هو الباب الواسع الذي يدخل إليهم أعداؤهم منه لضربهم في عقر ديارهم، فكان أن انطلقت القوى الصليبية في موجة عاتية تضرب المسلمين في ثلاث جبهات في آن واحد في الأندلس وصقلية وإفريقية [4].

[1] الحروب الصّليبية في شمال إفريقية ص 11،12،13.
[2] الحروب الصّليبية في شمال إفريقية ص 12.
[3] كلمة المغاربة كانت تطلق على سكان المغرب الإسلامي بأسره والذي كان يضم الأندلس والجزر الإسلامية غرب المتوسط إلى جانب أقطار المغرب العربي، وليس كما درج في العصر الحديث يقصرها على أهل المغرب الأقصى ..
[4] الحروب الصليبية في شمال إفريقيا ص 13.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست