responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 418
القلوب. وما كان العائق إلا كُنَّا ننتظر ابتداءاً من الجانب الشريف بالنعمة يضاهي ابتداءنا بالخدمة، وإيجاباً للحق يشاكل إيجابنا للسَّبْق وكان أول أمرنا أنا كنا في الشام نفتتح الفتوح مباشرين بأنفسنا ونجاهد الكُفّار ... متقدمين لعساكرنا، نحن ووالدنا وعمنا، فأي مدينة فُتحت أو مَعْقِل مُلك أو عسكر للعدوَّ كًسَر أو مصاف للإسلام معه طُرب لم نكن فيه. فما يجهُلَ أحدٌ صنُعا ولا يجحد عدونا أنَّا نعطي الجمرة، ونملك الكَرَّة ونتقدم الجماعة ونُرتَّب المقاتلة، وندبر التَّعبئة، إلى أن ظهرت في الشام الآثار التي لنا أجرها، ولا يضرنا أن يكون لغيرنا ذكرُها وكانت أخبار مصر تتصل بنا بما الأحوال عليه فيها من سوء تدبير وبما دَوْلتها عليه من غلبة صغير على كبير، وأن النظام بها قد فَسَد والإسلام بها قد ضَعُفَ عن إقامته كلُّ من قام وقَعَد والفرنج قد احتاج من يدبرها إلى أن يقاطعهم بأموال كثيرة، لها مقادير خطيرة، وأنَّ كلمة السنَُّة بها وإن كانت مجموعة فإنها مقموعة، وأحكام الشريعة، وإن كان مسماة فإنها متحاماة، وتلك البدع بها على ما يُعلم، وتلك الضَّلالات فيها على ما يفتى فيه بفراق الإسلام ويحكم، وذلك المذهب قد خالط من أهله اللَّحم والدم، وتلك الأنصاب قد نصبت آلهة تُعْبَدُ من دون الله وتعظمّ وتضخم، فتعالى عن شبه العباد، وويلٌ غَرَّة تقلُّبُ الذين كفروا في البلاد.
فسمت همَّتنُا دون همم أهل الأرض إلى أن نستفتح مُقَفلها، ونسترجع للإسلام شاردها، ونعيد على الدين ضالته منها، فسرنا إليها في عساكر ضخمة وجموع جمة وبأموال انتهكت الموجود، وبلغت منا المجهود، أنفقناها من حاصل ذممنا وكسب أيدينا وثمن أسارى الفرنج الواقعين في قبضتنا فعرضت عوارض منعت، وتوجًّهت للمصريين رُسُل باستنجاد الفرنج قطعت "و لكل أجل كتاب" ولكلَّ أمل باب. وكان في تقدير الله أنّا نملكها على الوجه الأحسن، وتأخذها بالحكم الأقوى الأمكن، فَغَدرَ الفرنج بالمصريين غدرة في هدنة عَظُمَ خَطْبُها وخبطها، وعُلم أن استئصال كلمة الإسلام محطُّها فكاتبنا المسلمون من مصر في ذلك الزمان، كما كاتبنا المسلمون من الشاَّم في هذا الأوان بأنَّا إن لم ندرك الأمر وإلا خرج عن اليد، وإن لم ندفع غريم اليوم لم نمهل إلى الغد، فيسرنا بالعساكر المجموعة وأمراء الأهل المعروفة، إلى بلاد قد تمهَّد لنا بها أمران وتقَّرر لنا في القلوب وُدَّان: الأول ما علموه من إيثارنا للمذهب الأقوم وإحياء الحق الأقدم، والآخر ما يرجونه من فكَ إسارهم، وإقالة عِثارهم [1]، ففعل الله ما هو أهله وجاء الخير إلى العدو فانقطع جَبْلهُ وضاقت به سُبله وأفرج عن الديار بعد ان كانت ضياعها ورساتيقها وبلادها وأقاليمها، قد نفذت فيها أوامره،

[1] أي عشارهم.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست