نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 514
ب- الأمن والاستقرار: بعد أن أكرم الله صلاح الدين، بإزالة الدولة الفاطمية وفتح مصر وضم حلب ودمشق، والاتفاق مع الموصل في جبهة إسلامية عريضة تيسر لدولته الأمن والاستقرار في تلك الربوع التي حكم فيها بشرع الله حيث نجد أن دولة صلاح الدين بعد أن استخلفت ومكن الله لها أعطاها دواعي الأمن وأسباب الاستقرار حتى تُحافظ على مكانتها وهذه سنة جارية ماضية، ضمن الله لأهل الإيمان والعمل بشرعه وحكمه أن ييسر لهم الأمن الذين ينشدون في أنفسهم وواقعهم فبيده سبحانه مقاليد الأمور، وتصريف الأقدار، وهو مقلب القلوب، والله ما يهب الأمن المطلق لمن استقام على التوحيد وتطهر من الشرك بأنواعه. قال تعالى: "الذين ءامنوا ولم يَلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن مهتدون" (الأنعام:82) فنفوسهم في أمن من المخاوف ومن العذاب والشقاء إذا خلصت لله من الشرك صغيره وكبيره، إن تحكيم شرع الله فيه راحة للنفوس لكونها تمس عدل الله ورحمته وحكمته. إن الله تعالى بعد أن وعد المؤمنين بالاستخلاف ثم التمكين لم يحرمهم بعد ذلك من الأمن والطمأنينة والبعد عن الخوف والفزع قال تعالى: "وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليُمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبُدلنَّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً" (النور، آية: 55). وإن تحقيق العبودية لله ونبذ الشرك بأنواعه يحقق الأمن في النفوس على مستوى الأفراد والشعوب، وهذا ما حدث لصلاح الدين ودولته والمسلمين في عهده لما انقادوا إلى منهج رب العالمين.
ج- العز والشرف: إن عّز صلاح الدين والأيوبيين وشرفهم العظيم الذي سطر في كتب التاريخ يرجع إلى تمسكهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، إن من يعتز بالانتساب لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إن من يعتز بالانتساب به تشرف الأمة وبه يعلو ذكرها وضع رجله على الطريق الصحيح وأصاب سنة الله الجارية في إعزاز وتشريف من يتمسك بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: " لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذِكرُكم أفلا تعقلون" (الأنبياء، آية: 10). قال ابن عباس رضي الله عنه في تفسير هذه الآية: فيه شرفكم [1]، فهذه الأمة لا تستمد الشرف والعزة إلا من استمساكها بأحكام الإسلام، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "إنا كنا أذل قوم، فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله أذلنا الله [2]، فعمر رضي الله عنه كشف لنا بكلماته عن حقيقة الارتباط بين حال الأمة عزاً وذُلا، مع موقفها من الشريعة إقبالاً وإدباراً، فما عزت في يوم بغير دين الله، ولاذلت في يوم إلا بالإنحراف عنه قال تعالى: "من كان [1] تفسير ابن كثير (3/ 170). [2] أخرجه الحاكم في المستدرك في الإيمان (1/ 62).
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 514