نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 562
وكم لك من فتكة فيهمو ... حكت فتكة الأسد الخادر
كسرت صليبَهم عنوة ... فلله دُّركَ من كاسر
وأمضيتَ جدك في غزوهم ... فتعسا لجدَّهم العاشر
وأدبر ملكهمو بالشام ... وولَّى كأمسهم الدّابر
جنودُك بالرُّعب منصورة ... فناجز متى شئت أو صابر
فكلهم غرِق هالكِ ... بتيَّار عسكرك الزاخر
ثأرت لدين الهدى في العدا ... فآثرك الله من ثائر
وقمتَ بنصر إله الورى ... فسمّاك بالملك الناصر
تبيتُ الملوك على فُرشهم ... وترفل في الزرد السابري
وتؤثر جاهدَ عيش الجاهد ... على طيب عيشهم الناصر
وتسهر ليلك في حقَّ من ... سَيُرضيك في جفنك الساهر
فتحتَ المقدَّس من أرضه ... فعادت إلى وضعها الطاهر
وجئت إلى قدسه المرتضى ... فخلَّصته من يد الكافر
وأعليت فيه منار الهدى ... وأحييت من رسمه الدائر
لكم ذخَر الله هذي الفتوح ... من الزمن الأول الغابر
وخصَّك من بعد فاروقه ... بها لاصطناعك في الآخر
محبَّتكم أُلقيت في النفوس ... بذكرٍ لكم في الورى طائر (1)
وروعة هذه القصيدة ليست في سهولتها السَّلِسَة، وخواطرها الصادقة، وعاطفتها الحارة فحسب، فهي مع ذلك كله تُصَوَّر وجهة نظر المسلمين في المغرب الإسلامي نحو صلاح الدين، وتُنبئ أن العالم الإسلامي حينئذ كان جسداً واحداً، وأن الحدود المصطنعة سياسياً بين دولة لا تمنع الامتزاج العاطفي بين من يَدينون بنعمة الإسلام فهم في كل مكان يتحدون في الآمال والآلام [2].
(1) صلاح الدين الأيوبي قاهر العدوان الصليبي ص 285. [2] المصدر نفسه ص 286.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 562