نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 58
الخامس للهجرة عندما حفر الخندق وهزم جيوش الأحزاب، وكذلك معركة مؤتة في السنة الثامنة للهجرة عندما حول القائد خالد بن الوليد المعركة من الهزيمة إلى النصر على الروم وذلك باستخدامه الحرب النفسية عن طريق تكثيف الغبار بفرسانه حتى ظن أولئك الروم بوصول الإمدادات إلى المسلمين فولوا منهزمين، وانسحب الجيش الإسلامي من أرض المعركة دون أية خسائر أخرى، وقد طبق تلك الحرب النفسية في العديد من المعارك الأخرى، والتي من بينها معركة اليرموك عام 13هـ عندما عمل على تقسيم قواته، بحيث جعل الميمنة ميسرة والخلف إلى الأمام وبهذا الأسلوب العسكري التكتيكي أرهب جيوش الروم الكبيرة العدد وأوقع بهم الهزائم [1].
6 - تحريض الفقهاء والقضاة على القتال في ساحات المعارك:
تبرز شخصية القاضي أبو الفضل بن الخشاب قاضي حلب المعروف في هذا المجال، فعندما اشتد الحصار الصليبي على حلب عام 513هـ/1119م) أقبل القاضي ابن الخشاب يحرض الناس على القتال وهو راكب على حجر وبيده رمح حيث ألقى فيهم خطبة بليغة، استنهض بها همهم وألهب مشاعرهم، فأبكى الناس وعظم في أعينهم، حتى أقدموا على قتال الغزاة، [2] ورغم تمكن الحلبيين من تخليص مدينتهم في ذلك العام لم يتردد الصليبيون من محاولة أخرى لأخذ حلب عام 518هـ/1124م وذلك عندما قاموا بتخريب كل القرى المجاورة لحلب، حتى لا يقدموا المساعدة لمدينة حلب ونزل الفرنج حران ثم حلب من ناحية مشهد الجف من الشمال، وكان للقاضي ابن الخشاب دور في التحريض على قتال ذلك الغزو، بل كان له دور في تحريض الأمير أقسنقر البرسقي أمير الموصل وسيأتي بيان ذلك بإذن الله عند الحديث عن دور أمراء السلاجقة في الموصل ودمشق وغيرها في صد هجمات الصليبيين.
ثالثاً: الشعراء ودورهم في حركة المقاومة:
قام بعض الشعراء بدور كبير في تحريض المسلمين ووصف أحوال الأمة وطبيعة الغزو الصليبي الذي احتل البلاد وهتك الأعراض ومن أشهر هؤلاء ما قاله القاضي الهروي وقيل لأبي المظفر الأبيوردي القصيدة التي أولها:
مزجنا دماءً بالدموع السواجم ... فلم يبق منا عرضه للمراجم (3) [1] موقف فقهاء الشام وقضاتها ص 122. [2] المصدر نفسه ص 129.
(3) المراجم: جمع مرجم وهو القبيح من الكلام.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 58