نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 598
بالتدبير مع مقدور الله لا نصرف همُّه وكُفىٍ خطبه" وما تشاؤون إلا أن يشاء الله" الإنسان، الآية:30).
هذا سلطان هو بحول الله أوثق منه بسلطانه، قاتلتِ الملوك بطمعها وقاتل هذا بإيمانه، وإذا نظر الله إلى قلب مولانا لم يجد فيه ثقة بغيره ولا تعويلاً على قوة إلا على قوَّته، فهنالك الفرج ميعاده واللطف ميقاته، فلا يقنط من روح الله، ولا يقل "متى نصر الله" وليصبر فإنما خلق للصَّبر، بل ليشكر فالشكر في موضع الصبر أعلى درجات الشكر، وليقل لمن ابتلى أنت المعافي، وليرضَ عن الله سبحانه، فإنّ الرَّضِيَّ عند الله هو المسلم الرّاضي فأما أخبار فتنة بلاد العجم فسبحان من ألحق قلوبهم بألسنتهم "قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون" (الأنعام، آية: 91).
وكتب السلطان إلى القاضي الفاضل كتاباً من بلاد الفرنج يخبره عمّا لاح له من أمارات النَّصر ويقول: ما أخاف إلا من ذنوبنا أن يأخدنا الله بها، فكتب إليه الفاضل: فأما قول مولانا إننا نخاف أن نؤخذ بذنوبنا، فالذنوب كانت مثبتة قبل هذا المقام وفيه مُحيت، والآثام كانت مكتوبة ثم عُفي عنها بهذه الساعات وعُفَّيتَ، فيكفي مستغفراً ليسانُ السَّيف الأحمر في الجهاد ويكفي قارعاً لأبواب الجنة صوت مقارعة الأضداد، وبعين الله موقفك، وفي سبيل الله مقامك ومنصرفك، وطوبى لقدم سَعَتْ في مِنْهاجك، وطوبى لوجه تَلَثَّم عَجَاجك، وطوبى لنفس بين يديك قتلت وقُتِلَت، وأن الخواطر بُشكر الله فيك عن شُكرها لك قد شغِلَتْ [1] وهذا هو القاضي الفاضل العالم الرباني، صاحب البيان البديع، والفهم العميق لسنن الله في تحقيق النصر ولا نستغرب بعد هذه المكاتبات من قول صلاح الدين ما فتحت بلداً بسيفي ولكن بقلم القاضي الفاضل إن وجود نوعية القاضي الفاضل بجوار القيادات السياسية والعسكرية لها أثره المعنوي فيها يفتح الله أبواب الأمل للقيادات وتحرص على الثواب فيما عند الله وتكون سبباً في صبرها وثباتها.
6 - جهود صلاح الدين في فك الحصار عن عكا: استنفر صلاح الدين المسلمين وأمراءهم للجهاد في سبيل الله، ووقف - رحمه الله - بجموع المسلمين يكرون على الأعداء، والحرب بينه وبين الصليبيين سجال، كلما دمَّر لهم كتيبة استبدلوا بها كتائب وأوروبا هناك تقف وراء جيوشها تدعمها وتمدها بالمال والسفن والرجال في كل حين، والحقد على المسلمين يملأ قلبها ولما اشتد الحصار على عكا أصبح هم صلاح الدين الكبير أن يمدّ المحاصرين بالمال والنفط والرجال؛ لأن إمدادات الصليبيين تصل [1] كتاب الروضتين (4/ 190).
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 598